وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلََئِكَ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغْلاَلُ فِيَ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ [سورة الرعد:5].
يقول تعالى لرسوله محمد ﷺ: وَإِنْ تَعْجَبْ من تكذيب هؤلاء المشركين بالمعاد، مع ما يشاهدونه من آيات الله سبحانه ودلائله في خلقه على أنه القادر على ما يشاء، ومع ما يعترفون به من أنه ابتدأ خلق الأشياء فكوّنها بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً، ثم هم بعد هذا يكذبون خبره في أنه سيعيد العالم خلقاً جديداً، وقد اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب مما كذبوا به، فالعجب من قولهم: أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.
قوله: وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ، أي: من إنكارهم للبعث، وتكذيبهم بالمعاد، ولهذا قال بعض أهل العلم: بأن قوله: وَإِن تَعْجَبْ المراد به: وإن تعجب من تكذيبهم لك في نبوتك ورسالتك وهم يعلمون أنك الصادق الأمين، وبعض أهل العلم كابن جرير - رحمه الله - قال: إن المراد وَإِن تَعْجَبْ يعني: وإن تعجب من عبادتهم للأصنام، وصرف العبادة إلى ما لا ينفعهم ولا يغني ولا يدفع عنهم تأليه هذه الأحجار، فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً، إلى آخره، ولا يبعد أن يكون المراد بذلك الإطلاق، فإن هذا أسلوب عربي يقال: وإن تعجب فعجب كذا، ولا يكون هناك مقدر معيّن، وإنما المقصود بيان حال هذا الشيء المتعجب منه، وأنه أمر لا يتصور وقوعه وصدوره من عاقل.
قوله: وَأُولَئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ، أصل الغل هو ما يربط به العنق مع اليدين، فهذا يقال له غل.