الإثنين 12 / ذو الحجة / 1446 - 09 / يونيو 2025
نَبِّئْ عِبَادِىٓ أَنِّىٓ أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ أي: أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عذاب أليم، وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة وهي دالة على مقامَي الرجاء والخوف.

هذه المواضع المذكورة في قوله: لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ، وفي الحديث إذا جُمعت فإنه يحصل منها كمال النعيم، بخلاف هذه الدنيا، ففيها المخاوف، وفيها النصب والتعب، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [سورة البلد:4]، يدخل إليها باكياً ويخرج منها مبكياً عليه، وفيها ألوان الشقاء والعناء، وما يقع في قلب الإنسان من الغل وأمور كثيرة تنغص عليه لذته وسروره، ثم بعد ذلك الموت يأتي ويأخذه، والله المستعان.

أسئلة:

هل المقصود من قوله تعالى: وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ [سورة إبراهيم:34]: كل ما يدعو به الإنسان يستجاب له؟

بعض أهل العلم فسر "مِن" هذه أنها تبعيضية، أي وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ شيئاً، وهذه الآية لا تدل على أن الإنسان يُعطى كل ما سأل، أو كل ما طلب، أو كل ما أراد، وإنما وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ الله يمتن على عباده فأعطاهم الله ما يحتاجون إليه لإقامة معايشهم وبقائهم في هذه الحياة، وامتن عليهم بأنواع النعم من المآكل والمشارب واللباس والأثاث والرياش، ونحو ذلك من ألوان النعم، وهكذا في قوله - تبارك وتعالى -: مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ [سورة هود:15] وقوله - تبارك وتعالى -: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ [سورة الإسراء:18]، والمراد به: يُفهم على ضوء الآيات الأخرى عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ فقيدها بقيدين، مع أنه أطلقها في آية هود، عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ  فمن أراد الله إعطاءه أعطاه ما شاء من العطاء، وليس كل طالب لها يُعطى مطلوبه.

وقوله تعالى: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [سورة الصافات:147] بعضهم يقول: إن "أو" بمعنى الواو أي ويزيدون، فهي حرف تأتي بمعنى العطف، ويمكن أن تأتي بمعنى الواو، وبعضهم يفسر ذلك بالإضراب، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أي بل يزيدون، وهذا لا إشكال فيه، لكن إذا قيل: إن "أو" بمعنى الشك أَوْ يَزِيدُونَ فهذا يفسر بأن ذلك خرج بحسب نظر المخاطبين أَوْ يَزِيدُونَ بحيث إن الناظر إليهم يقول: إن هؤلاء مائة ألف أو أكثر، لكن الله لا يخفى عليه شيء، ولكن يأتي الخطاب مُراعىً فيه حال السامع، وكما ذكرنا في نظائره كقوله تعالى: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [سورة طـه:44] مع أن الله يعلم أنه لن يتذكر ولن يخشى، إذا فسرت "لعل" بالترجي، فالله لا يترجى.