الجمعة 16 / ذو الحجة / 1446 - 13 / يونيو 2025
إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ قَدَّرْنَآ ۙ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَٰبِرِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ولهذا قالوا: إِلاّ امْرَأَتَهُ قَدّرْنَآ إِنّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ أي: الباقين المهلَكين.

وأخبروه في موضع آخر عن إهلاك قوم لوط إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ۝ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ [سورة العنكبوت:31-32] إلى آخره، فذُكرت القصة في هذه السورة مختصرة.

وقوله - تبارك وتعالى - عن قِيل الملائكة: إِلاّ امْرَأَتَهُ قَدّرْنَآ إِنّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ، قدرنا يعني قضينا وحكمنا، وقوله: إِنّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "أي: الباقين المهلَكين"، وكلمة الغابر تأتي بمعنى الذاهب، وتأتي بمعنى الباقي، فمن أهل العلم من فسر مِنَ الْغَابِرِينَ [سورة الأعراف:83] أي: من الذاهبين في الهلاك، ومنهم من فسرها بالباقين، يعني الباقين في الهلاك، فهي من الأضداد، ولا إشكال في حملها على المعنيين - والله تعالى أعلم -، ومثل هذا لا يحتاج إلى ترجيح، فهي من الذاهبين في الهلاك، وإذا فسر بالباقين فهي من الباقين في العذاب، لا تنجو معه، مثل ما يقال في قوله - تبارك وتعالى -: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ [سورة القلم:20] والصريم بعضهم قال: يعني سوداء محترقة، وبعضهم قال: بيضاء، يعني جرداء ليس فيها زرع، هذا هو المقصود، ولا إشكال، فالمقصود أن ما فيها من زروع وحروث وشجر وما أشبه ذلك كل هذا قد تلف وزال فأصبحت سوداء محترقة، أو أصبحت بيضاء بمعنى أن النبات الذي فيها قد اضمحلّ وزال.