الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [سورة الحجر:97-98] أي: وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فلا يهيدنّك ذلك ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله، وتوكل عليه فإنه كافيك وناصرك عليهم، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة، ولهذا قال: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ.

قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، كقوله: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ [سورة الأنعام:33] وكقوله: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا [سورة الكهف:6]، وقوله: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ [سورة هود:12] الآية، فهذه الآيات ونظائرها تدل على هذا المعنى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، ثم أرشده إلى ما يفعله عند ذلك فقال: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ، كما قال الله : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [سورة المزمل:5] ثم قال له: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا [سورة المزمل:6-7]، الشاهد أنه أرشده إلى قيام الليل، وهكذا في قوله - تبارك وتعالى -: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ [سورة البقرة:45] يستعان بها على هذا وعلى كل ما يصيب الإنسان من الشدائد، وحتى على القيام والنهوض بالتكاليف الشرعية.

كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن نعيم بن همّار أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: قال الله تعالى: يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكْفك آخره[1]
وفي بعض الألفاظ: اكفني أربع ركعات[2].
  1. رواه الإمام أحمد في المسند برقم (22469)، وقال محققوه: حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4342).
  2. رواه الإمام أحمد في المسند برقم (17390)، وقال محققوه: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير نعيم بن همار، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو في قول الجمهور صحابي، وعده العجلي تابعياً، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2794).