الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
يُنَزِّلُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦٓ أَنْ أَنذِرُوٓا۟ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

يُنَزّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوَاْ أَنّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاتّقُونِ [سورة النحل:2].

يقول تعالى: يُنَزّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرّوحِ أي: الوحي، كقوله: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [سورة الشورى:52]، وقوله: عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وهم الأنبياء، كما قال تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [سورة الأنعام:124]، وقال: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ [سورة الحج:75]، وقال: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ ۝ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [سورة غافر:15-16]. وقوله: أَنْ أَنْذِرُوا أي: لينذروا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ أي:  فاتقوا عقوبتي لمن خالف أمري وعبد غيري.

قوله: يُنَزّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرّوحِ أحسن ما فسر به هو ما ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - وهو أنه الوحي، الله سمى الوحي بالروح؛ لأنه يحصل به حياة الأرواح والنفوس، كما تحصل حياة الأبدان بالطعام والشراب، كقوله: لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ [سورة غافر:15]، قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ [سورة الأنبياء:45] ينزلهم بالروح للإنذار، لينذروا بهذا الروح الذي أنزله، وقوله - تبارك وتعالى -: يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ [سورة النحل:2] "من" هذه يمكن أن تكون بيانية، يعني بأشياء، ويمكن أن تكون تبعيضية، يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ، وتكون ابتدائية كقوله: أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء [سورة الرعد:17]، أي مبتدأً.