قوله:ذُرّيّةَ مَنْ حَمَلْنَا منادى ويحتمل أن يكون منصوباً على الاختصاص، ومن أهل العلم من خص بذلك بني إسرائيل مع أن ذرية من حُملوا مع نوح ﷺ تشمل جميع الناس، فكلنا من ذرية أولئك، من ذرية نوح ﷺ، والله كما أخبر: وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ[سورة الصافات:77]، فمن أهل العلم من يقول: لما كان السياق في خطاب بني إسرائيل وجه ذلك إليهم خاصة، ومن أهل العلم كابن جرير - رحمه الله - من حمله على العموم، ذُرّيّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ، أي: يا ذرية من حملنا مع نوح كيف يقع منكم الالتفات والإشراك والتكذيب، والله قد حملكم في السفينة وأنجاكم وأغرق العالمين، ثم بعد ذلك يقع منكم ما وقع من أولئك الذين أغرقهم الله؟، هذا أمر لا يليق ولا يحسن!.
وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ :إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عليها[1]، وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي.
وقال مالك عن زيد بن أسلم: كان يحمد الله على كل حال، وقد ذكر البخاري هنا حديث أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة بطوله وفيه:فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك[2]، وذكر الحديث بكامله.
وذكر الشكر إِنّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً، والشكر كما هو معلوم لا يكون إطلاقاً ممن يضيف الإنعام أو يقابل الإنعام إلى غير المنعِم، يقابله بعمل يوجهه إلى غير المنعِم المتفضل، فيعبد غيره، ويستعين بغيره، ويتقرب إلى غيره، فهذا هو أظلم الظلم، وتوجيهُ أو جعلُ العبادة في غير مَن خلق خلافُ الشكر.
- رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، برقم (2734)، وأحمد في المسند (19/36)، برقم (11973)، وقال محققوه: إسناده على شرط الشيخين.
- رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى:إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[سورة نوح:1]، برقم (3162)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها، برقم (194).