الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَاباً مّسْتُوراً ۝ وَجَعَلْنَا عَلَىَ قُلُوبِهِمْ أَكِنّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيَ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلّوْاْ عَلَىَ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً[سورة الإسراء:45-46].

يقول تعالى لرسوله محمد ﷺ : وَإِذَا قَرَأْتَ يا محمد على هؤلاء المشركين القرآن، جعلنا بينك وبينهم حجاباً مستوراً، قال قتادة وابن زيد: هو الأكنّة على قلوبهم، كما قال تعالى: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ [سورة فصلت:5] أي: مانع حائل أن يصل إلينا مما تقول شيء، وقوله:حِجَاباً مّسْتُوراً بمعنى ساتر، كميمون ومشئوم بمعنى يامن وشائم؛ لأنه من يمنهم وشأمهم، وقيل: مستوراً عن الأبصار فلا تراه وهو مع ذلك حجاب بينهم وبين الهدى، ومال إلى ترجيحه ابن جرير - رحمه الله -.

وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي عن أسماء بنت أبي بكر - ا - قالت: لما نزلت: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [سورة المسد:1]، جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فِهر وهي تقول: مذمَّماً أتينا -أو أبينا- قال أبو موسى: الشك مني، ودينَه قلينا، وأمرَه عصينا، ورسول الله ﷺ جالس وأبو بكر إلى جنبه، فقال أبو بكر : لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك، فقال: إنها لن تراني، وقرأ قرآناً اعتصم به منها، وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَاباً مّسْتُوراً قال: فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبيﷺ فقالت: يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني، قال أبو بكر: لا ورب هذا البيت ما هجاكِ، قال: فانصرفت وهي تقول: لقد علمت قريش أني بنت سيدها[1].

  1. رواه الحاكم في المستدرك برقم (3376)، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وابن حبان في صحيحه برقم (6511)، وقال الأرنؤوط في تحقيقه: صحيح بشواهده، وأبو يعلى في مسنده برقم (53).