الأربعاء 30 / ذو القعدة / 1446 - 28 / مايو 2025
أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

 قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا . [سورة الإسراء: (57)].

يقول تعالى:قُلِ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله: ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ من الأصنام والأنداد، فارغبوا إليهم، فإنهم، لاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ : أي بالكلية،  وَلاَ تَحْوِيلاً : أي بأن يحولوه إلى غيركم، والمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر. قال العوفي عن ابن عباس - ا - في قوله: قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم الآية، قال: كان أهل الشرك يقولون: نعبد الملائكة والمسيح وعزيراً، وهم الذين يدعون - يعني الملائكة والمسيح وعزيراً.

وقوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الآية، روى البخاري من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله في قوله: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ قال: ناس من الجن كانوا يُعبدون فأسلموا، وفي رواية: قال: كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم.

وقوله تعالى: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء، فبالخوف ينكف عن المناهي، وبالرجاء يكثر من الطاعات. وقوله تعالى:إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا: أي ينبغي أن يحذر منه ويخاف من وقوعه وحصوله، عياذاً بالله منه.

في قوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ، يقول: روى البخاري من حديث الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله -يعني ابن مسعود   قال: ناس من الجن كانوا يُعبدون فأسلموا، وفي رواية كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، يعني الكفار، فهم لا زالوا يعبدونهم، وأولئك الجن يعبدون الله  ويتقربون إليه، فهذا يصدق على هؤلاء الجن الذين أسلموا، ويصدق أيضاً على من عبد عيسى ﷺ ، وعبد العزير، والذين عبدوا الملائكة، فتُخص الآية بمثل هذا ولا يقال في كل معبود؛ لأن من الناس من يعبد الشيطان، ومن الناس من يعبد أعداء لله  ، ومن الناس من يعبد الأحجار، والآية تدل على معبودين بأعيانهم أو بنوعهم من بين سائر من عُبد من دون الله - تبارك وتعالى -، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ: يعني المدعوين،يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ، والوسيلة: هي التقرب إلى الله بالطاعة والعبادة، هذه القربة يقال لها: وسيلة؛ لأنهم يتوسلون بها إلى مرضاة الله - تبارك وتعالى -، ونيل ما عنده من الثواب، يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ، يَبْتَغُونَ: أي يطلبون، أَيُّهُمْ أَقْرَبُ: أي إلى الله - تبارك وتعالى - بعمله الصالح، ويرجون رحمته ويخافون عذابه.

 إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا : أي جدير بأن يُتقى؛ لشدته.