الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
رَّبُّكُمُ ٱلَّذِى يُزْجِى لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِى ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا۟ مِن فَضْلِهِۦٓ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير سورة الإسراء: قال تعالى: رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [سورة الإسراء: (66)].

يخبر تعالى عن لطفه بخلقه في تسخيره لعباده الفلك في البحر وتسهيله لمصالح عباده لابتغائهم من فضله في التجارة من إقليم إلى إقليم؛ ولهذا قال: إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا: أي إنما فعل هذا بكم من فضله عليكم ورحمته بكم.

 فقوله - تبارك وتعالى -: رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ، الإزجاء: هو السَّوق، يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ: أي: يسوق ويسيّر لكم الفلك وهي السفن، وقوله: لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ: أي بالتجارة، ويدخل في عمومه ما يحصل لهم من ألوان المنافع كالصيد واستخراج اللؤلؤ وأشباه ذلك مما يكون في البحر، فهذا كله داخل فيه، الله يقول: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ: يعني الجمعة فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ، [سورة الجمعة:10] المشهور من كلام أهل العلم، قول الجمهور يعني بالبيع والشراء؛ لأنه قال قبله: إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [سورة الجمعة: 9] ثم قال بعده: فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ فذلك يعود إلى ما منعهم منه، وإن قال بعض السلف: إن المقصود به عيادة المريض واتباع الجنائز وصلة الأرحام، وما أشبه ذلك، على كل حال هنا لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ  يشمل كل ما يدخل تحت هذا العموم، وإن كان المشهور من أقوال أهل العلم أن المقصود بذلك التجارة، فهذا لا ينافي ما ذكرته معه؛ لأنه داخل فيه، والله أعلم.