الخطاب في قوله: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ ، يحتمل أنه متصل بما قبله، لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ، فيقول لهم: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ فيكون الخطاب موجهاً إلى أولئك الذين وقع منهم الإفساد، ويحتمل أن يكون موجهاً لأحفادهم ممن عاصر النبي ﷺ ، ويحتمل أن يكون موجهاً للمخاطبين بالقرآن، وبعضهم يقول: للعرب من المشركين الكفار، ويمكن أن يحمل على العموم، وما قبله وما بعده في بني إسرائيل، والله تعالى أعلم.
قوله: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جواب "إذا" محذوف تقديره: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، وقوله - تبارك وتعالى -: لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ يقول ابن كثير - رحمه الله -: "أي يهينوكم ويقهروكم"، هذا تفسير بالمعنى، والمعنى الأدق من هذا يمكن أن يكون هكذا لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ يعني: ليفعلوا بكم ما تحصل به المساءة لكم مما يظهر أثره في وجوهكم، فالإنسان يظهر على وجهه الأثر الذي يقع عليه، فالوجه مرآة، يعكس ما في داخل الإنسان من هم أو خوف أو ظلمة قلب، أو غير ذلك من المعاني والأحوال، فالشاهد لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ يعني: ليفعلوا بكم ما يحصل به مساءتكم، فيظهر أثر ذلك على وجوهكم، لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ، قال: "أي يهينوكم ويقهروكم"، وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ يعني بيت المقدس، كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ أي: يدمروا ويخربوا، مَا عَلَوْاْأي: ما ظهروا عليه تَتْبِيرًا ،