الأحد 20 / ذو القعدة / 1446 - 18 / مايو 2025
إِنَّ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

 قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ۝ وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [سورة الإسراء:9-10].

يمدح تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد ﷺ ، وهو القرآن بأنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل، وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَبه الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِعلى مقتضاه، أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً أي: يوم القيامة، وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة  أي: ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً أي: يوم القيامة، كما قال تعالى:  فبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ  [سورة الإنشقاق:24].

فقوله: يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "لأقوم الطرق وأوضح السبل"، والله- تبارك وتعالى - أطلق هنا يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُفي كل شيء، مما يحتاج الناس إليه، فهذا القرآن قد اشتمل على ألوان الهدايات، والشنقيطي - رحمه الله - في أضواء البيان تكلم على هذه الآية بكلام طويل مفصل يزيد على خمسين صفحة، تكلم على مسائل فيما يتعلق بتعدد الزوجات والمصالح المترتبة على هذا، وتكلم على الرق، وغير ذلك.

قال:وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ، وهذا فيه ذكر لبعض الموضوعات التي تضمنها القرآن، أو جاء القرآن لتقريرها كالهداية، وكذلك البشارة لأهل الإيمان،وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ، وهذا اشتمل على شروط قبول العمل الثلاثة: الإيمان والإخلاص والمتابعة.

وقوله:وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة قال: "أي ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن لهم عذاباً أليماً، أي يوم القيامة، كما قال تعالى: فبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"، البشارة كما هو معروف قيل لها بشارة لأنه يظهر أثرها على بشرة المبشَّر، وغالب ما تستعمل في الإخبار بما يسر، وقد تأتي معبراً بها عن الإخبار بما يسوء، كقوله:  فبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، وبعضهم يقول: إن هذا الاستعمال هو من قبيل المجاز، وهذا عند القائلين بالمجاز، كقول بعضهم:

وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بَخِيلٍ تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ

فسماه تحية، الشاهد أن من يقول بالمجاز يقول: إن هذا من قبيل المجاز، والذين لا يقولون بالمجاز يقولون ما سبق من أن الاستعمال الغالب لهذه اللفظة إنما يكون في الإخبار بما يسر، وقد تستعمل في الإخبار بما يسوء، وبعضهم يقول: هذا من قبيل التهكم بهم، وهذه الآية من أهل العلم من يقول: إن المقصود بذلك البشارة لأهل الإيمان بأمرين، يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالثواب، وبما ينتظر المكذبين من العقاب، يعني كل هذا بشارة لأهل الإيمان بأن الله سيعذب أعداءه وأعداءهم وينتقم منهم، والأول أقرب أنه جاء مشتملاً على التبشير والإنذار.