الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُوا۟ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قوله: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [سورة الكهف:110].

يقول تعالى لرسوله محمد ﷺ: قُلْ لهؤلاء المشركين المكذبين برسالتك إليهم: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ [سورة الكهف:110] فمن زعم أني كاذب فليأتِ بمثل ما جئت به، فإني لا أعلم الغيب فيما أخبرتكم به من الماضي عما سألتم من قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين، مما هو مطابق في نفس الأمر لولا ما أطلعني الله عليه، وإنما أخبركم: أَنَّمَا إِلَهُكُمْ [سورة الكهف:110] الذي أدعوكم إلى عبادته، إِلَهٌ وَاحِدٌ [سورة الكهف:110] لا شريك له، فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ [سورة الكهف:110] أي: ثوابه وجزاءه الصالح، فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [سورة الكهف:110] أي: ما كان موافقًا لشرع الله، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [سورة الكهف:110] وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل، لابد أن يكون خالصاً لله، صواباً على شريعة رسول الله ﷺ.

روى الإمام أحمد عن محمود بن لبيد : أن رسول الله ﷺ قال: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟[1].

روى الإمام أحمد عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري - وكان من الصحابة - أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة، ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عملٍ عمِلَه لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك[2] وأخرجه الترمذي وابن ماجه.

قوله - تبارك وتعالى -: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110] هذه الآية - كما مضى في بعض المناسبات - تضمنت شروط قبول العمل الثلاثة وهي: التوحيد، والله لا يقبل من غير أهل التوحيد، لا يقبل من المشركين، والإخلاص لله ، فإن الرياء خلاف الإخلاص، وهو من الشرك، وفرق بين هذا وهذا، فرق بين الشرط الأول الذي هو التوحيد، وفرق بين الشرط الثاني الذي هو الإخلاص، فالإخلاص من التوحيد إلا أن المقصود بالأول أن يكون الإنسان موحداً، أي: ليس بمشرك، فإذا عمل اليهودي أو النصراني أو الوثني عملاً أراد به وجه الله وحده لا شريك له فإنه لا يقبل منه؛ لأنه ليس على اعتقاد صحيح، وأما الإخلاص فقد يعمل المسلم العمل ولكن يداخله الرياء فلا يقبل، فلابد من الإخلاص.

والشرط الثالث: هو المتابعة للنبي ﷺ؛ وذلك أن الله قال: فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف:110] وهو الصواب الذي تابع فيه النبي ﷺ، وهذا كما في أول السورة: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ [الكهف:2] فذكر الإيمان وذكر العمل الصالح.

  1. أخرجه أحمد (39/ 39- 23630) وصححه الألباني في الصحيحة (951) وفي صحيح الترغيب (29) وصحيح الجامع الصغير (1/323).
  2. أخرجه الترمذي في أبواب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الكهف (5/314-3154) وابن ماجه في كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة (2/1406- 4203). وأحمد (25/161- 15838).