الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّى لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِۦ مَدَدًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قوله: قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [سورة الكهف:109].

يقول تعالى: قل يا محمد: لو كان ماء البحر مداداً للقلم الذي يكتب به كلمات الله وحكمه وآياته الدالة عليه، لَنَفِدَ الْبَحْرُ [الكهف:109] قبل أن يفرغ كتابة ذلك وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ [الكهف:109] أي: بمثل البحر آخر ثم آخر وهلم جراً، بحور تمده، ويكتب بها، لما نفدت كلمات الله، كما قال تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان: 27].

قال الربيع بن أنس: إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها، وقد أنزل الله ذلك: قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي [الكهف:109].

يقول: لو كانت تلك البحور مداداً لكلمات الله والشجر كله أقلام لانكسرت الأقلام، وفني ماء البحر، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء؛ لأن أحداً لا يستطيع أن يقدر قدره، ولا يثني عليه كما ينبغي، حتى يكون هو الذي يثني نفسه، إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول، إن مثل نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم الآخرة كحبة من خردل في خلال الأرض كلها.

قوله - تبارك وتعالى -: قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي [الكهف:109] يقول ابن كثير - رحمه الله -: مداداً للقلم الذي يكتب به كلمات الله، والمداد معروف، أصل هذه المادة: "المدد" تدل على مجيء الشيء على الزيادة شيئاً فشيئاً، مجيء الشيء متتابعاً، يقال: هذا مدد في الجيش، ومدد من الطعام، ومداد القلم؛ لأنه يمد الكاتب بما يحصل به الكتابة.

وكلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله - يقول: قل يا محمد: لو كان ماء البحر مداداً للقلم الذي يكتب به كلمات الله وحكمه وآياته الدالة عليه. وعبارات كثير من المفسرين قريبة من هذا، يعني: الذي يكتب به الثناء على الله ، ودلائل القدرة، وما أشبه ذلك.

والإضافة هنا في قوله: قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي [سورة الكهف:109] فهي كلماته - تبارك وتعالى -، وظاهر هذا أنها الكلمات الصادرة منه، وكلماته - تبارك وتعالى - نوعان، الكلمات الدينية وهي آياته المتلوة، والثاني: هي كلماته الكونية التي يحصل بها تكوين الأشياء وإيجادها، فهذه كلماته - تبارك وتعالى -، فتفسير ذلك بأنه ما يثنى به على الله أو نحو ذلك قد يكون خلاف ظاهر القرآن، فإن ذلك لا يقال عنه إنه كلمات الله، وإنما كلماته ما صدر عنه - تبارك وتعالى -.