الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِى بَعْضٍ ۖ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال الله تعالى: فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ۝ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ۝ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا [سورة الكهف:97-99] يقول تعالى مخبراً عن يأجوج ومأجوج: أنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد، ولا قدروا على نقبه من أسفله؛ ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلاً بما يناسبه فقال: فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [سورة الكهف:97] وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه، ولا على شيء منه.

روى الإمام أحمد عن زينب بنت جحش زوج النبي ﷺ قالت: استيقظ النبي ﷺ من نومه وهو محمر وجهه، وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث[1] هذا حديث صحيح، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه.

قوله: فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [سورة الكهف:97] كما سبق أن زيادة المبنى لزيادة المعنى؛ لما كان نقضه أصعب من الظهور عليه قيل: استطاعوا، وهذه من الأشياء التي تلحظ فتكون معينة على الحفظ، يعني مما يذكر في الحفظ أشياء مما يقويه ويثبته منها ملاحظة المعنى، وهذا له أمثلة كثيرة، فمن هذا إذا عرفت أن قوله في الأولى: فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ [سورة الكهف:97] لأن الظهور أسهل، والثانية: وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [سورة الكهف:97] وهكذا في قول الخضر لموسى : ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا [سورة الكهف:82] بعد أن أخبره، وقبل أن يخبره قال: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع [سورة الكهف:78] فإذا لاحظت مثل هذه المعاني سهل عليك ضبط الحفظ، وهناك أشياء مفيدة تذكر أيضاً في هذا ، وذكر بعضها ابن المنادي في كتاب (متشابه القرآن).

وفي قوله: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] أي: لما بناه ذو القرنين قال: هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] أي: بالناس، ويحتمل أن يكون المعنى: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] أي: هذا التمكين، والإشارة عائدة إلى ما حصل من تمكينه من بناء هذا السد، وإعانته عليه، قال: هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] فلم ينسب ذلك إلى نفسه، وإنما تواضع لربه -تبارك وتعالى.

وابن جرير - رحمه الله - إذا نظرت في عبارته تجد أنه جمع بين المعنيين: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] حيث أعان عليه ويسره، وأيضاً هو رحمة بالناس الذين كانوا يلاقون ما يلاقون من هؤلاء القوم المفسدين.

وقوله: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] أي: لما بناه ذو القرنين قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي [سورة الكهف:98] أي: بالناس حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلاً يمنعهم من العيث في الأرض والفساد فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي [سورة الكهف:98] أي: إذا اقترب الوعد الحق جَعَلَهُ دَكَّاء [سورة الكهف:98] أي: ساواه بالأرض، تقول العرب: ناقة دكاء إذا كان ظهرها مستوياً لا سنام لها، وقال تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا [سورة الأعراف:143] أي: مساوياً للأرض.

هناك قال: دَكًّا وهنا قال: دَكَّاء على قراءة الكوفيين الثلاثة: حمزة وعاصم والكسائي، جَعَلَهُ دَكَّاء [سورة الكهف:98] وهذا يقال للناقة التي لا سنام لها: دكاء، فبعضهم يقول: هذا على وجه التشبيه لأن ذلك مذكر  جَعَلَهُ [سورة الكهف:98] أي: السد دَكَّاء وهذه من صفة المؤنث، قالوا: هذا على وجه التشبيه بالناقة الدكاء، والقراءة الأخرى - قراءة بقية السبعة -: بالتنوين من غير همز جَعَلَهُ دَكًّا.

وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا [سورة الكهف:98] أي: كائناً لا محالة، وقوله: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ [سورة الكهف:99] أي: الناس يومئذٍ، أي: يوم يدك هذا السد، ويخرج هؤلاء فيموجون في الناس.

في قوله - تبارك وتعالى -: فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي [سورة الكهف:98] هل المقصود به القيامة كما قال بعضهم؟ أو المقصود به إذا جاء الوعد الذي يحصل به انهدام هذا السد، فيخرج هؤلاء إلى الناس في آخر الزمان، قرب قيام الساعة؟ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا [سورة الكهف:98] ويكون قوله: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [سورة الكهف:99] يعني: أن يأجوج ومأجوج ينطلقون فيفسدون ويختلطون بالناس بعد أن عُزلوا عنهم هذه المدة الطويلة وَنُفِخَ فِي الصُّورِ [سورة الكهف:99] أي: بعد ذلك، ومعلوم أن أشراط الساعة تأتي متتابعة، سريعة الوقوع، ويكون بعدها قيام الساعة - النفخ في الصور -، فهذا هو الأقرب - والله أعلم -، وهو الذي تدل عليه الأحاديث الواردة في صفة خروج يأجوج ومأجوج.

وهؤلاء تكلم عنهم المفسرون، ونقلوا أشياء هي من قبيل الإسرائيليات، لا تصدق ولا تقبل بحال من الأحوال، بعضهم يقول: هم على قدر شبر، إذا كانوا على قدر شبر سيطؤهم الناس.

وبعض الناس في هذا العصر يقول بأنهم أهل الصين، وأن السد هو سد الصين، وهذا الكلام كله غير صحيح، فالنبي ﷺ أخبر أنهم في كل يوم يحفرون، ثم يرجع السد إلى ما كان عليه، يقولون: إنهم سيكملونه في الغد، فإذا رجعوا إليه وجدوه أشد مما كان، حتى إذا أذن الله بخروجهم قال القائم على عملهم: إن شاء الله، فيكملونه في اليوم الآخر، ويفتحونه ويخرجون، وهؤلاء إذا خرجوا حصل منهم هذا الإفساد العظيم، أما أهل الصين فإن هذا السد لا يحول بينهم وبين الناس، ولا يخرقون فيه كل يوم، والنبي   ﷺ يقول: ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا[2]، فهل هذا ينطبق على سد الصين؟! إطلاقاً لا يمكن أن يقال هذا، وهل أهل الصين بهذه المثابة يفسدون في الأرض، ويفعلون هذه الأشياء كلها، ويشربون حتى البحيرة ولا يتركون شيئاً؟ ويختلطون بالناس، والناس يذهبون إليهم، والذي يسافر إلى الصين ذهب إلى يأجوج ومأجوج؟! فهذه أقوال عجيبة، وأين الآيات والأحاديث التي تدل على أن خروجهم شيء مهول وكارثة؟

على كل حال الذي يحمل هؤلاء على هذا الكلام هو أنهم يقولون: إننا في عصر وجدت فيه الأقمار الصناعية وغير الأقمار الصناعية، وما بقي موضع شبر من الأرض إلا عُرف، هاتان أمتان عظيمتان، فأين هم إذن؟ لابد أن يُعرفوا ويكتشفوا، ما عاد الناس مثل الأول، على جمل، نقول لهم: إذا شاء الله أن يعمّي أمراً على الناس فلو كان أمام أعينهم ما رأوه، وهذا شيء مشاهد، وهذا أشرت إليه في بعض المناسبات، الإنسان أحياناً يبحث عن قلمه وهو أمامه، ويسأل ويفتش، ويبحث عن كتابه في كل مكان وهو أمامه، ولربما بحث عن نظارته وهو يلبسها ولا يترك محلاً إلا ويسأل عنها وهي على عينه، وهذه الأمة من بني إسرائيل أمة معهم موسى - عليه الصلاة والسلام - وتاهوا في صحراء صغيرة، لو اتجهوا من أي اتجاه في فترة وجيزة في أيام فسيخرجون منها، ومع هذا جلسوا فيها هذه المدة الطويلة.

فالله - تبارك وتعالى - إذا أراد شيئاً قال له: كن، فعمّي خبرهم على الناس، وما المانع من هذا ؟ وبعض من تكلم في هذا يقول: لهم أكثر من خروج، من أجل أن يجمع بين هذا وبين ما يحصل من الإفساد، طيب وأين السد الذي يحفرون فيه كل يوم؟ أين هو الذي يحول بينهم وبين الناس؟ وإذا كان لهم أكثر من خروج فما فائدة هذا السد إذاً؟ وهل أصلاً أهل الصين هم من هاتين القبيلتين من يأجوج ومأجوج؟ فمثل هذا كله لا يقبل، والله أعلم.

قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تتمة تفسير قوله تعالى: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا [سورة الكهف:99] وقوله: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ أي: الناس يَوْمَئِذٍ أي: يوم يدك هذا السد، ويخرج هؤلاء، فيموجون في الناس، ويفسدون على الناس أموالهم، ويتلفون أشياءهم، وهكذا قال السدي في قوله: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [سورة الكهف:99] قال: ذاك حين يخرجون على الناس، وهذا كله قبل القيامة وبعد الدجال، كما سيأتي بيانه عند قوله: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ۝ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [سورة الأنبياء:96-97] الآية.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله - تبارك وتعالى -: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا [سورة الكهف:99] هذا جاء بعد قوله: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا [سورة الكهف:98].

وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا [سورة الكهف:99] الوعد يحتمل أن يكون المراد به القيامة، وأن الله يجعل هذا السد دكا، كما يجعل كل ما على الأرض قاعاً صفصفا، فتكون مستوية لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا [سورة طـه:107]، فتُنسف الجبال وما عليها من العمران، ومن جملة ذلك أن هذا السد يزول، والقرينة التي قد يحتج بها من يفسر الآية بهذا أن الوعد هو القيامة، وأن الله - تبارك وتعالى - قال بعده: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ۝ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا [سورة الكهف:99 -100].

لكن قوله: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ هل هو في القيامة، أو تركنا بعضهم يموج في بعض حيث يخرجون على الناس؟، فهذه قرينة تدل على أن هذا يكون في الآخرة، وقد قال الله : وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا [سورة الأنبياء:97]، ويقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ [سورة فاطر:5] فهذا الوعد الحق هو القيامة، ويحتمل أن يكون المراد به القيامة، فيختلط الإنس والجن يوم القيامة ويحشرون، وهو الذي اختاره كبير المفسرين ابن جرير - رحمه الله تعالى.

والقول الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا أن ذلك قبل القيامة، فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي [سورة الكهف:98] يعني: بخروجهم، كما قال الله - تبارك وتعالى –: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ۝ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [سورة الأنبياء:96-97]، فهذا الوعد الحق المقصود به في الآية الثانية القيامة، فيكون المعنى في قوله: وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا، يعني بخروجهم، وانهدام هذا السد.

من أهل العلم من يقول: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ أي: يأجوج ومأجوج يختلطون بالناس، بعد أن كانوا بمعزل عن الناس.

وبعض أهل العلم يقول: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ، يعني: يأجوج ومأجوج مع غيرهم من الناس، فيختلطون بهم ويحصل منهم ما يحصل من ألوان الإفساد في الأرض، وذلك من علامات القيامة الكبرى، ثم بعد ذلك ينفخ في الصور، والأول أقوى من هذا وأرجح

ومن أهل العلم من يقول: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ، لما وضع السد صار يأجوج ومأجوج بعضهم يموج في بعض خلف هذا السد، وهذا بعيد؛ لأن الله يقول عن قول ذي القرنين هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ۝ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [سورة الكهف:98- 99]، فليس المقصود يومئذ يعني يوم بناء السد، وإنما ذلك يتعلق بما قبله، ذلك الحين الذي يأتي فيه وعده ويتحقق يختلطون بغيرهم، فيحصل منهم الإفساد، وهذا هو الأقرب في تفسير الآية، والله تعالى أعلم.

وقوله: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ [سورة الكهف:99] والصور كما جاء في الحديث: قرن ينفخ فيه[3]، والذي ينفخ فيه إسرافيل ، كما تقدم في الحديث بطوله، والأحاديث فيه كثيرة، وفي الحديث عن عطية عن ابن عباس وأبي سعيد - ا - مرفوعاً كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته واستمع متى يؤمر؟، قالوا: كيف نقول؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا[4].

وقوله: فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا [سورة الكهف:99] أي: أحضرنا الجميع للحساب قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ۝ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ [سورة الواقعة:49-50]، وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا [سورة الكهف:47].

قوله: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يحتمل أن تكون هي النفخة الأولى؛ لأنها هي التي تكون بعد هذه الأمارات، بعد خروج يأجوج ومأجوج فينفخ عندئذ في الصور فتموت الخلائق، ويصعقون، ويحتمل أن تكون هذه هي النفخة الثانية، وهناك قرينة تدل على أنها النفخة الثانية وهي قول الله : فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا.

النفخة الثانية هي التي يكون بها جمع الخلائق، أما النفخة الأولى ففيها الإماتة، فيصعق من كان حياً ويموتون، ويمكن أن تكون هذه هي النفخة الأولى، وأن الله - تبارك وتعالى - ذكر ذلك على وجه الاختصار، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يعني: بعد يأجوج ومأجوج، فطوى الله - تبارك وتعالى - هذه المراحل، واختصر الكلام اختصاراً فذكر ما يحصل بعد ذلك مما عليه المعوّل وهو جمع الناس، فإذا نفخ فعند ذلك تقوم القيامة، فذكر الله مما يحصل فيها جمع الخلائق وحشر الخلائق وهذا بعد نفخة أخرى وهي نفخة البعث، فيكون ذكر نفخة الصعق، ولم يذكر نفخة البعث اختصاراً، وإنما ذكر ما يحصل من جمع الناس وحشرهم.

  1. أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج، ومأجوج (4/ 138- 3346) وغيره من الأبواب. ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج (4/ 2207- 1) (2880) وهو عند أحمد كما أشار المصنف (45/403- 27413).
  2. أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج، ومأجوج (4/ 138- 3346) وغيره من الأبواب. ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج (4/ 2207- 1) (2880) وهو عند أحمد كما أشار المصنف (45/403- 27413).
  3. رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في ذكر البعث والصور (4/378)، برقم: (4744)، وصححه الألباني.
  4. رواه الترمذي، كتاب الزهد عن رسول الله ﷺ،  باب ما جاء في شأن الصور (4/620)، برقم: (2431)، وصححه الألباني.