الجمعة 04 / ذو القعدة / 1446 - 02 / مايو 2025
قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى غُلَٰمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قَالَتْ أَنّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ أي: فتعجبت مريم من هذا، وقالت: كيف يكون لي غلام؟ أي على أي صفة يوجد هذا الغلام مني، ولست بذات زوج، ولا يتصور مني الفجور".

هذا القول قالته على سبيل التعجب من قدرة الله لا استبعاد ذلك على الله، أو يقال كما قال الحافظ ابن كثير، ولا منافاة بين هذا وهذا؛ بأنه سؤال عن الطريق التي يكون بها الولد، هل سيكون لها زوج، أو أن الله سيخلق هذا الولد بطريقة أو بأخرى؛ لأن ذلك غير متصور بالنسبة إليها، كيف يكون ولد من امرأة غير متزوجة، ولم يقربها أحد من البشر.

"ولهذا قالت: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً والبغي هي الزانية".

وقوله عنها: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً لم يمسسني بشر يعني بوطء، ولم أك بغيا، والبغي هي الزانية، وإنما يكون ذلك بالمواقعة بطريق الفجور، والإعلام به، والأصل أن ذلك يقال للمرأة التي تزني بأجرة، فالشاهد أن قولها: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ المس يعني الجماع وقد يكون بطريق الحلال، وقد يكن بطريق الحرام، فيشمل ما ذكر بعده، وقالت بعده: وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً بعضهم يقول: لأن قولها: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ أن ذلك قصدت به بطريق الحلال، ثم قالت: وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قصدت به طريق الحرام، مع أن قولها: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ أنه يشمل هذا من حيث المعنى، لكن لما ذكر بعده ولم أك بغياً خصه بعضهم قال: "أرادت لا بطريق الحلال، ولا بطريق الحرام"، ولكن يمكن أن يقال أن قوله: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ هذا لا يخص بالحلال بمعنى أنه لم يحصل السبب الذي يوجد معه الولد، وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قالت ذلك تأكيداً وتقريراً لهذا المعنى لأنها غير ذات زوج، فقالت ذلك زيادة في التعجب - فالله تعالى أعلم -.   

"ولهذا جاء في الحديث: نَهيٌ عن مهر البغي[1]".

والبغي هي المرأة التي تزني بأجرة، فما تعطى من هذه الأجرة قيل له: مهر لا أنه يكون زواج مؤقتاً.

  1. رواه البخاري، كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، برقم (2122) من حديث أبي مسعود الأنصاري ، ومسلم بلفظ: شر الكسب مهر البغي...، من حديث رافع بن خديج ، كتاب المساقات، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، برقم (1567).