الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
يَٰٓأُخْتَ هَٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"فلما رأتهم قعدت، وحملت ابنها في حجرها، فجاؤوا حتى قاموا عليها قالوا: يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً أمراً عظيماً، يَأُخْتَ هَارُونَ أي يا شبيهة هارون في العبادة، مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمّكِ بَغِيّاً أي أنت من بيت طيب طاهر، معروف بالصلاح، والعبادة، والزهادة، فكيف صدر هذا منك؟

قال علي بن أبي طلحة والسدي: "قيل لها: يَأُخْتَ هَارُونَ أي أخي موسى، وكانت من نسله كما يقال للتميمي: يا أخا تميم، وللمضري يا أخا مضر"، وقيل: نسبت إلى رجل صالح كان فيهم اسمه هارون فكانت تقاس به في الزهادة، والعبادة".

المعاني التي ذكرها الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في قوله: يَأُخْتَ هَارُونَ بأنها كانت من نسله، فنسبت إليه؛ كما يقال للتميمي: يا أخا تميم، هذا من ناحية اللفظ محتمل، ولكن الحديث دل على أن المراد غير هذا، فالمغيرة بن شعبة لما ذهب إلى نجران، وسألوه عن هذه الآية، والنصارى قالوا: يا أخت هارون وبينها وبين هارون مدة طويلة، بعضهم يقدر المدة بنحو ستمائة سنة، فكيف قال: يا أخت هارون، فلم يجبهم؛ فلما رجع إلى النبي ﷺ وسأله، أخبره النبي ﷺ أنهم يسمون بأسماء أنبيائهم، وصالحيهم، إذاً هارون ليس المراد به هارون النبي - عليه الصلاة والسلام - وإنما رجل صالح في ذلك الوقت يقال له: هارون، عُرِفَ بالصلاح والزهد.

فقوله: يَأُخْتَ هَارُونَ أي: يا شبيهة هارون في الزهد، والعبادة، والتقى، والصلاح، وبعضهم يقول: بأنه أخ لها لأبيها، وهذا يحتمل، لكن ليس عندنا دليل يثبت هذا، والحديث دل على أنه معاصر لها، وليس المقصود به النبي - عليه الصلاة والسلام -، وبعض أهل العلم من يقول: إنهم كانوا يقولون لمن كان من أهل الصلاح: هارون، كما يقول ابن جرير - رحمه الله -.