قوله: إِنّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنّي يعني رق، وإذا تقادم العمر بالإنسان فإن عظامه تضعف، ويسميه الأطباء اليوم بهشاشة العظام، وتضعف قواه، وتخور، وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً يعني واشتعل شيب الرأس كثر، وانتشر، وهذا يعبر عنه بمثل هذه العبارة بالاشتعال وهو أسلوب عربي معروف.
"وقوله: وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً أي: ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء، ولم تردني قط فيما سألتك".
هذا الدعاء وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً يحتمل أن يكون الدعاء هنا دعاء مسألة، يعني عودتني الإجابة، ويحتمل أن يكون المراد دعاء العبادة لم أكن بعبادتك شقياً، وعرفنا من قبل في عدد من المناسبات أن الدعاء يقال لهذا وهذا، والأقرب والذي يدل عليه السياق هو أنه دعاء مسألة وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ أي بسؤالك؛ لأنه وهذا نوع من التوسل بين يدي السؤال وهو أن يتوسل إلى الله بما عوده من إجابة سؤله في سالف أيامه يقول: يا رب عودتني الإجابة فأجب دعائي هذا، وهذا من الأدب الذي يحسن أن يكون بين يدي دعاء الداعين، فالذي يأتي إلى إنسان يطلب منه الإحسان، والعطاء؛ وما أشبه ذلك مثلاً يقول: أنا الذي أتيتك، وأحسنت إلي، وأوليتني، وأعطيتني وما شابه ذلك، فيكون متوسلاً إليه بما سلف من إحسانه.