"وقوله: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً أي: إلا من رجع عن ترك الصلوات، واتباع الشهوات، فإن الله يقبل توبته، ويحسن عاقبته، ويجعله من ورثة جنة النعيم، ولهذا قال: فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً وذلك لأن التوبة تجبُّ ما قبلها، وفي الحديث الآخر: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولهذا لا ينقص هؤلاء التائبون من أعمالهم التي عملوها شيئاً، ولا قوبلوا بما عملوه قبلها فينقص لهم مما عملوه بعدها؛ لأن ذلك ذهب هدراً، وترك نسياً، وذهب مجاناً من كرم الكريم، وحلم الحليم، وهذا الاستثناء هاهنا كقوله في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [سورة الفرقان:68] إلى قوله: وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة الفرقان:70]".