"جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا [سورة مريم:61-63].
يقول تعالى: الجنات التي يدخلها التائبون من ذنوبهم هي جنات عدن أي: إقامة، التي وعد الرحمن عباده بظهر الغيب، أي: هي من الغيب الذي يؤمنون به وما رأوه، وذلك لشدة إيقانهم، وقوة إيمانهم".
في قوله - تبارك وتعالى -: جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ قوله: بالغيب في محل نصب على الحال، وهي إما أن تكون حالاً من جنات، أو من عباده فعلى الأول فالمعنى: جنات عدن التي وعد الرحمن عباده متلبسة بالغيب، فهي من أمر الغيب لم يطلعوا عليها، ولم يروها، وعلى الثاني: فالمعنى: جنات عدن التي وعد الله عباده متلبسين بالغيب، والأول هو الأقرب، وهو الذي اختاره كبير المفسرين ابن جرير، فهذه الجنات هي من أمر الغيب، وعدهم الله بها، ولم يروها، ووصفها لهم.
والمشهور هو الأول أن مأتياً بمعنى: أنهم يأتونه، ويصيرون إليه، وهذا المعنى هو الذي عليه عامة أهل اللغة، وأهل التفسير، بل قد صرح بعضهم بضعف المعنى الثاني كالشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -، يضعف المعنى الثاني أن مأتيا بمعنى آتياً.