قوله - تبارك وتعالى -: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً أي أن جبريل - عليه الصلاة والسلام - حينما لا ينزل في بعض الأوقات فليس معنى ذلك أن ربك قد نسيك، وإنما هو مأمور، ويقول: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا هذا ظاهر، ما بين السماء والأرض كله لله - تبارك وتعالى - فاعبده واصطبر لعبادته، والقاعدة: "زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى"، فقوله: وَاصْطَبِرْ زيادة على واصبر، فيكون بهذا الاعتبار زيادة في الأمر بالصبر، وعدي فعل الصبر هنا اصطبر لعبادته اصطبر وفعل الصبر لا يعدى في الأصل باللام، وإذا عدي باللام إما أن يقال بتناوب الحروف، أو يقال بأن الفعل قد ضمن معنى فعل آخر وهذا هو الأقرب، أن يكون فعل الصبر مضمن لفعل آخر يصح تعديته باللام؛ اصطبر لعبادته، فيكون مضمناً معنى الثبات، فإذا قيل بتضمين معنى الثبات فإنه يعطي معنى آخر، يكون زيادة في المعنى هو مأمور بالصبر لعبادة الله ، والثابت على ذلك.
قال: وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً يقول: "عن ابن عباس - ا -: هل تعلم للرب مثلاً أو شبيهاً؟" هذا من جهة المعنى، وذكر الرواية الأخرى عن ابن عباس - ا -: "ليس أحد يسمى الرحمن غيره - تبارك وتعالى -" معنى ذلك أنه من جهة التسمية هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً لفظة سميّ تأتي بمعنى النظير والمشارك في الاسم تقول فلان سميّ فلان، وتأتي للمشارك في المعنى، والصفة، تقول: فلان لا يدانيه ولا يساميه أحد، يعني ليس له نظير، ولا شبيه، وهذا الاستفهام في قوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً مضمن معنى الإنكار يعني ليس له سميّ يساميه في الاسم على القول بأن هل تعلم أحد يسمى الرحمن سواه، هذا يدخل في التسمية ليس له سميّ لا يسمى أحد باسمه - تبارك وتعالى -، وإلى هذا يرجع قول بعض المفسرين كابن جرير - رحمه الله - هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً أي في كرمه، وجوده، وإحسانه، تلجأ إليه، وترغب إليه، وما أشبه هذا، فيكون المعنى متحد بهذا الاعتبار.
وبعضهم يقول: هل تعلم أحد من الناس، أو من الأصنام، أو من المعبودات؛ يقال له: الله؟ فهذا كله يرجع إلى التسمية، سميّ بمعنى أنه سُمِّي بهذا الاسم - والله تعالى أعلم -.