الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُۥٓ أَجْرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

قال المفسر – رحمه الله تعالى -: ثم قال تعالى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [سورة البقرة:112] أي: من أخلص العمل لله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ [سورة آل عمران:20] الآية. 
وقال أبو العالية، والربيع: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ يقول: من أخلص لله، وقال سعيد بن جبير: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ أخلص، وَجْهَهُ قال: دينه، وَهُوَ مُحْسِنٌ أي: اتبع فيه الرسول ﷺ فإن للعمل المتقبل شرطين: أحدهما: أن يكون خالصًا لله وحده، والآخر: أن يكون صوابًا موافقاً للشريعة، فمتى كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يتقبل؛ ولهذا قال رسول الله ﷺ: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد [1] [رواه مسلم].
فقوله - تبارك وتعالى -: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ [سورة البقرة:112] نقل عن الربيع، وأبي العالية، قال: مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ أي: أخلص لله، وهذا التفسير للآية إنما هو تفسير لها بمضمونها، والمعنى الذي سيقت لتقريره، وهو الإخلاص.
مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ قال سعيد بن جبير: دينه، فمعنى أسلم، وجهه أسلم دينه، أي كان مخلصاً لله ﷺ في عمله، ولهذا قال بعضهم: أَسْلَمَ وَجْهَهُ أي من جهة القصد، أسلم مقصده لله يعني كان مقصده واحداً.
هذه العبارات التي يقولونها في تفسير هذه الآية لم يذكر فيها صفة الوجه لله ، وإنما هذه العبارات، وغير ها من العبارات التي تذكر في تفسير هذه الآية تدور حول هذا المعنى، ويمكن أن تفسر بالإخلاص، وتوحيد القصد، أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ أي كان مخلصاً لله في توجهه، وفي مقصده، وعمله، وهذا الذي قال به كثيرون، فهل يعد ذلك من قبيل التأويل في التفسير؟
لا، ليس من قبيل التأويل؛ لأن الوجه يأتي بمعنى الوِجهة، والقصد، وسيأتي في قوله - تبارك وتعالى -: فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ [سورة البقرة:115]، قول من قال من السلف: إنها ليست من آيات الصفات أصلاً، فالمقصود أن هذا ليس من قبيل التأويل؛ لأن المقصود بالوجه الوجهة، تقول: أنا أريد هذا الوجه، يعني هذه الوجهة، فــ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ أي كان مخلصاً في عمله، ومن كان موحداً لمقصده، ولهذا قال ابن جرير: مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ قال: من أسلم بدنه، وخضع لله بالطاعة جسدُه، يعني بلى من أخلص طاعته لله، وعبادته كان مخلصاً فيها لله - تبارك وتعالى - فهذا هو المراد، وهي كما قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: تضمنت شرطي قبول العمل، مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ من أخلص وجهه، وَهُوَ مُحْسِنٌ، يعني متابع للنبي ﷺ، وكما في أول سورة الكهف: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ [سورة الكهف:2] حيث ذكر الإيمان، والعمل الصالح، والعمل الصالح لا يكون صالحاً إلا إذا كان خالصاً صواباً، فهذه الآية في أول سورة الكهف تضمنت ثلاثة شروط من قبول العمل وهي: الإيمان والإخلاص، والمتابعة، وكذلك في آخر سورة الكهف، فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [سورة الكهف:110]، فلا بد أن يكون العمل على قاعدة صحيحة، وعلى إيمان صحيح، ولا بد أن يكون صاحبه مخلصاً، ولا بد أن يكون العمل صواباً، فهذه ثلاثة شروط، فلو جاء اليهودي، أو عابد القبر، وصلى صلاة موافقة لصلاة النبي ﷺ، وهو مخلص فيها لربه، هل تقبل صلاته؟ لا تقبل؟ لأنه فقد الشرط الأول؛ لأنه ليس بمؤمن، قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا [سورة الفرقان:23].
فعمل الرهبان ومن شابههم - وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله - فإنه لا يتقبل منهم، حتى يكون ذلك متابعاً للرسول ﷺ المبعوث إليهم وإلى الناس كافة، وفيهم وأمثالهم قال الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا [سورة الفرقان:23]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا [سورة النــور:39]، وقال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ۝ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ۝ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ۝ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ  [سورة الغاشية:2-5].
وأما إن كان العمل موافقًا للشريعة في الصورة الظاهرة، ولكن لم يخلص عامله القصد لله فهو أيضًا مردود على فاعله، وهذا حال المرائين، والمنافقين كما قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [سورة النساء:142]، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ ۝ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [سورة الماعون:4-7] ولهذا قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [سورة الكهف:110]، وقال في هذه الآية الكريمة: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [سورة البقرة112].
وقوله: فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة:112] ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور، وآمنهم مما يخافونه من المحذور فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ على ما مضى مما يتركونه، كما قال سعيد بن جبير: فلا خوف عليهم يعني: في الآخرة وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يعني: لا يحزنون للموت.
الخوف هو الغم من أمر مستقبل، والحزن هو الغم من أمر فائت، وقد يستعمل الحزن بمعنى الخوف، ويمكن أن يفسر به قوله - تبارك وتعالى - عن أهل الجنة حينما دخلوها: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [سورة فاطر:34] فيمكن أن يكون ذلك بمعنى الخوف، فالمقصود أن الله  قال هنا: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ [سورة البقرة:112] يلاحظ أنه أعاد الضمير بصيغة الجمع، وما قبله كان على سبيل الإفراد، فكيف ساغ إعادة ضمير الجمع على المفرد، وهذا يتكرر في القرآن كثير، وهذا مثال من أمثلته، فما الجواب عليه؟
لفظة "من" في قوله: مَنْ أَسْلَمَ شرطية، وأسماء الشرط من صيغ العموم، وإذا كانت "من" تستعمل للواحد فأكثر فإن معناها الجمع، فلوحظ فيها في هذا الموضع المعنى، وتجد في بعض المواضع يعاد الضمير إليها بالإفراد مراعاةً للفظها، ولهذا قال بعدها: مَنْ أَسْلَمَ ولم يقل: من أسلموا، وقال: وَهُوَ مُحْسِنٌ جاء به مفرداً، ولم يقل: وهم محسنون، كل ذلك مراعاة للفظ (من) فإن لفظها مفرد، ومعناها الجمع، فقوله: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ [سورة البقرة:112] يشمل الواحد، والكثير.
  1. صحيح مسلم في كتاب الأقضية - باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (1718) (ج 3 / ص 1343). 

مرات الإستماع: 0

"بَلى إيجاب لما نفوا أي: يدخلها من ليس يهوديًا، ولا نصرانيًا."

قال: بَلَى إيجاب لما نفوا. وكما هو معروف أن هذه تكون في جواب النفي أي: يدخلها من ليس يهوديًا، ولا نصرانيًا بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ.

"مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ أي: يدخل في الإسلام، وأخلص، وذكر الوجه لشرفه، والمراد جملة الإنسان."

ابن جرير فسره بنحو من هذا[1] يعني: فسره بأنه من أسلم لله بدنه فخضع له بالطاعة جسده. لكن هو لا يقف عند هذا في تفسيره، فإن إسلام الوجه لله - تبارك، وتعالى - هو إسلام للبدن مع إقبال القلب على الله وحده دون من سواه، ولهذا يقول: بلى من أخلص طاعته لله، وعبادته له محسنًا في فعله ذلك.

فجمع بين هذا، وهذا، لاحظ هنا قال: أي دخل في الإسلام، وأخلص. فسره بالإخلاص كثير من السلف: كأبي العالية، والربيع بن أنس، وسعيد بن جبير، وهذا اختبار ابن كثير بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أن المراد الإخلاص، فيكون قوله: وَهُوَ مُحْسِنٌ المتابعة، فجمع بين الإخلاص، والمتابعة كما في جملة من الآيات: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110] أما ذكر الوجه بخصوصه قال: لشرفه، والمراد جملة الإنسان. يعني باعتبار أنه عبر بأشرف الأجزاء، والمراد الجملة، لكنه يُعبر كثيرًا بمثل هذا: إسلام الوجه بالإخلاص، وذلك لا يمنع من إسلام الجسد بكامله لربه - تبارك، وتعالى - فيشمل إسلام البدن، والإخلاص لله - والله أعلم -.

  1. تفسير الطبري (2/510).

مرات الإستماع: 0

يقول الله -تبارك وتعالى- مخبرًا عن قول اليهود ودعواهم: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ۝ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة:111، 112].

هذه دعوى قالها هؤلاء اليهود، وقالها أيضًا النصارى، فكل طائفة من هذه الطوائف ادّعوا مثل هذه الدعوى لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى يعني: أن اليهود قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديًّا، والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيًّا، فـ"أو" هذه ليست للتخيير في هذا الموضع، فإن اليهود يعتقدون أن النصارى على ضلال، وأنهم لن يدخلوا الجنة، والنصارى يعتقدون أن اليهود على ضلال، وأنهم لن يدخلوا الجنة.

فـ"أو" هذه ليست للتخيير: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى يعني: أن يكون يهوديًّا أو أن يكون نصرانيًّا فيدخل الجنة، ومن عداهم فإنه لا يدخلها، ليس هذا هو المعنى، وإنما المعنى أن "أو" هذه للتقسيم لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا يعني أن اليهود قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديًّا، والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيًّا، فكل طائفة ادعت أنها تنفرد بدخول الجنة بهذه الصيغة التي هي الأقوى من صيغ الحصر لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا نفي واستثناء، كما نقول: "لا إله إلا الله" هذه أقوى صيغة من صيغ الحصر، فاليهود ادعوا هذا والنصارى أيضًا ادعوا هذا، فهذا هو المراد كما قال الله -تبارك وتعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ [سورة البقرة:113] يعني ليست على دين صحيح وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [سورة البقرة:113] وهم أهل الإشراك من المشركين العرب كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [سورة البقرة:113].

إذًا "أو" هذه للتقسيم، اليهود قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديًّا، والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيًّا، فطالبهم الله بالبرهان بالدليل: تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [سورة البقرة:111] فهذا الذي عليه المعوَّل، فهذه الأماني لا قيمة لها ولا حقيقة لها إن لم تقم عليها الدلائل والبراهين.

فيؤخذ من هذه الآية أن هذه الشريعة التي هدانا الله إليها مبناها على البرهان، لا يدعي أحد دعوى إلا ويأتي بالبرهان على صحة دعواه، يأتي بدليل من الكتاب والسنة، هذا في عموم الشريعة وفي جزئياتها، هذا في الأمور الكلية وفي الأمور والمسائل الجزئية والتفصيلية، إذا ادعى أحد دعوى فعليه أن يأتي بالبرهان والدليل الذي يصدق دعواه، فكل من ادعى دعوى فهو مطالب بالتدليل عليها والبرهنة على صحتها من أجل إثباتها، ولذلك رد الله على هؤلاء المدعين مثل هذه الدعاوى.

وفي قوله أيضًا: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى العلماء يقولون: هذا فيه لف ونشر، واللف والنشر فن من فنون البلاغة، والمراد به أن يأتي بكلام يجمله ثم بعد ذلك يفصله وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى فهذه المقولة قالها طائفتان، كل طائفة ادعت لنفسها، فجاء بهذه الدعوى بهذا الإجمال.

ثم أيضًا قال: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ فجمع الخبر أَمَانِيُّهُمْ مع أن قوله: لَنْ يَدْخُلَ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ هذا للمفرد لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى لَنْ يَدْخُلَ فهذه أمنية لَنْ يَدْخُلَ هي أمنيتهم التي ذكروها واحدة، أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، عندهم أماني أخرى لكن لم تذكر في هذه الآية، كما قال الله : وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً [سورة البقرة:80] وهنا: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى فذكر أمنية واحدة لهم، فلما جاء الخبر قال: تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ما قال: تلك أمنيتهم، فجمع هذه الأماني، أو جاء بصيغة الجمع، كأنهم لشدة تمنيهم لهذه الأمنية، ومعاودتهم لها يكررونها ويرددونها فتأكد في نفوسهم وترسخت جمعت لكثرة ما يرددون بها، ويهتفون بها، ويعاودون هذه الدعوى في كل نادٍ ومحفل تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ فكأنها صارت مجموعة من الأماني، وهذا معروف في صيغ كلام العرب، ومن كلامهم المنثور وكلامهم المنظوم.

وبعض أهل العلم يقول: لأن قوله: تِلْكَ كناية عن المقالة، والمقالة في الأصل مصدر، والمصدر يصدق على الواحد والجمع تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ فجاء بالجمع صيغة الجمع أمانيهم؛ لأن قوله: تِلْكَ هنا يصدق على الجمع من حيث المعنى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ويمكن أن يكون ذلك مجموع الأفراد، يعني كل واحد منهم يدعي هذا.

ويمكن أن يكون بمجموع الطائفتين، يعني ما دام أن النصارى ادعوا هذا أيضًا مع اليهود، وقلنا: بأن بعض أهل العلم يقول: بأن أقل الجمع اثنان فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ [سورة النساء:11] وحجب النقصان هنا يكون باثنين بالاتفاق فأكثر، يعني اثنين من الأخوة تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ فعامله معاملة الجمع.

وأيضًا العدل في خطاب الله لعباده مع أن هؤلاء كذبة ظلمة أدعياء قال: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فرد عليهم بهذا الرد، إن كانت لكم بينة فهاتوها، فهذا في غاية العدل، ومراعاة الخصم كما يقال، وإلا فالله -تبارك وتعالى- حكم عدل يحكم ولا راد لحكمه ولا معقب لقضائه، وهؤلاء ليس لهم دعوى أصلاً بدليل أنهم لم يأتوا بها، ومع ذلك يقول لهم: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ما قال لهم: أنتم كذبة أفاكون مجرمون ظالمون أدعياء، وإنما طالبهم بالبرهان: هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فإذا جاء من يدعي دعاوى عريضة أو نحو ذلك يقال: لا بأس هات البرهان، جاء من يتكلم في عالم أو في طائفة أو غير ذلك يقال: هات البرهان، فكثير من الناس يقول قولاً ولو طولب بالبرهان عليه فإنه لا يستطيع أن يأتي بشيء على دعواه إنما هو مختلق أو أنه يردد كلامًا لغيره، لا يستطيع أن يثبته.

ومن الناس من يكون منطلقه في ذلك كهؤلاء اليهود هو الحسد، فيدعي أن هذا قد وقع في انحرافات وضلالات وبدع وأهواء، أو أن هذا خرج من الملة، أو نحو ذلك، فيقال: هات البرهان، وقد لا يكون عنده قليل ولا كثير، وقد يورد أشياء هي من قبيل الاجتهادات التي لا يأثم الإنسان فيها، ولا يلحقه نقص ولا معرَّة ولا يكون ذلك سببًا لسقوط مرتبته عند الله وعند أهل الإيمان، فما زال الناس يختلفون.

ثم تأمل قوله -تبارك وتعالى- في الرد عليهم: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة:112] ليس الأمر كما زعمتم بأن الجنة تختص بطائفة دون غيرها إما اليهود وإما النصارى، وإنما يدخل الجنة من أخلص لله وحده لا شريك له وهو متبع للنبي ﷺ في كل أعماله وأحواله وأقواله، فمن فعل ذلك فله ثواب عمله عند ربه -تبارك وتعالى- في الآخرة، وهو دخول الجنة، وهؤلاء لا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.

هذا بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّه [سورة البقرة:112] فيه قاعدة، هنا قاعدة من قواعد التفسير وهي: أن كل دعوى ذُكرت في القرآن -يعني دعوى ادعاها شخص أو طائفة- فإنه يأتي قبلها أو بعدها أو في أثنائها ما يدل على بطلانها إن كانت باطلة، فإن سكت عنها إن لم يرد ذلك فإن ذلك يدل على صحتها غالبًا، كل دعوى في القرآن لم تصحب بما يدل على بطلانها وردها فإن ذلك يدل على صحتها غالبًا، تجد مثل هذه المقالة: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى [سورة البقرة:111] ماذا قال؟ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ جاء الرد بعدها.

وأحيانًا يأتي ما يشعر بضعفها قبلها وقد يأتي معه في أثنائها أو بعدها: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا [سورة التغابن:7] "زعم" تستعمل غالبًا لتوهين الكلام "زعم" زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا وجاء الرد الصريح بعدها: قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [سورة التغابن:7] فهذا رد لهذه الدعوى.

وقد يقول هؤلاء كلامًا صحيحًا، دعوى صحيحة ومعها دعوى غير صحيحة: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا [سورة الأعراف:28] فجاء الرد مفصلاً: قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [سورة الأعراف:28] فالدعوى مشتملة على أمرين: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا [سورة الأعراف:28] فرد الثاني وسكت عن الأول قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ فهذا كذب على الله أنه أمرهم بها، لكن: وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا سكت عنه، فدل على أنها أن هذا الأمر صحيح، وأنهم وجدوا آباءهم على الفواحش.

لكن نقول: بأن هذا غالبًا، غالبًا ليس دائمًا، والقواعد أغلبية، يعني مثلاً في قصة أصحاب الكهف:قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [سورة الكهف:21] النبي ﷺ يقول: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد[1] فهنا: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [سورة الكهف:21] ما ذكر معه ما يدل على الرد، هل يقال: هذا صحيح يدل على صحته؟ لا يمكن أن يستند إلى هذه القاعدة والقواعد أغلبية وتترك النصوص الصريحة في لعن من فعل ذلك، فإن من تشبث بمثل هذا الاستدلال وترك الأدلة الصحيحة الصريحة فإنه يكون من قبيل اتباع المتشابه: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [سورة آل عمران:7] يترك الدلائل الواضحات ويتشبث بالمحتملات.

ثم أيضًا يؤخذ من هذه الآية بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [سورة البقرة:112] أن القلب كما يقول شيخ الإسلام -رحمه الله: إذا توجه إلى شيء تبعه وجه الإنسان الظاهر[2] فإذا كان العبد قصده ومراده وتوجهه إلى الله فهذا صلاح إرادته وصلاح قصده، فإذا كان مع ذلك محسنًا فقد اجتمع أن يكون عمله صالحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [سورة الكهف:110].

وإذا صح توجه القلب تبعه الإرادة بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ فتكون وجهته واحدة إلى الله -تبارك وتعالى- أما إذا تشتت القلب هنا وهناك بمعبودات شتى فإن القلب يتبعها ويتفرق، ولذلك جاء فيما هو دون ذلك، فيما أخبر عنه النبي ﷺ فيمن جعل همه واحدًا، وهو الآخرة، فإن الله يجمع شمله وهمه ويكفيه[3] أما إذا كان القلب مفرقًا في هموم وأودية الدنيا فإن هذا القلب يعذب بذلك، ولهذا جاء عن حذيفة : "اللهم إني أعوذ بك من تشتت القلب"، فسئل عن هذا، فقال: "أن يكون له في كل وادٍ مال"[4] أعوذ بك من تفرق القلب، تشتت القلب، في كل وادٍ مال، فعنده مجموعات من هذه الشركات، ومن هذه، في كل بلد في كل دولة هناك فروع، هناك شركات، هناك حزم، فقلبه مفرق معها يجري خلفها.

وأيضًا فإن قوله -تبارك وتعالى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ [سورة البقرة:112] هذا الإخلاص لله : وَهُوَ مُحْسِنٌ هذا الاتباع للنبي ﷺ على الوجه الأكمل، فيكون قد جمع الشروط التي لا بد منها لقبول الأعمال، الإخلاص والمتابعة، والإحسان هو أن يأتي بالعمل على الوجه المشروع كما أمره الله : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [سورة الملك:2] ولم يقل: ليبلوكم أيكم أكثر عملاً، فالعبرة هي بإحسان العمل، تصلي ركعتين خاشعتين في ليلة خير من أن تصلي عشرين ركعة مع قلب غير حاضر، ومع أيضًا كثرة حركة وقيام وقعود من غير خشوع ولا تدبر ولا أناة في هذه الصلاة.

كذلك أيضًا يؤخذ من هذه الآية أن من لم يحقق هذه الشروط قال: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ [سورة البقرة:112] فهذه الفاء تدل على ترتيب ما بعدها على ما قبلها، فالذي يكون بهذه المثابة فله أجره عند ربه، والذي لا يخلص وجهه لله أو لا يكون محسنًا في عمله أعماله بدع وأهواء وضلالات ما حكمه؟ هذا ليس له أجر عند ربه، بل ذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- وجماعة أن مثل هذا يكون من أهل النار[5].

بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه لم يحقق الإخلاص لله فهذا كما يقول الشيخ السعدي -رحمه الله: "هو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول ﷺ "[6].

وذكر نحوًا من هذا الحافظ ابن كثير -رحمه الله[7].

فالذي يدخل الجنة هو من حقق هذه الأوصاف، هو يرد عليهم الذين قالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى [سورة البقرة:111] يقول: بَلَى يدخل الجنة من كان محققًا للإخلاص أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه مع الإحسان في العمل، إذن الذي لا يحقق هذا لا يكون من أهل الجنة، فأصل الإسلام هو الاستسلام والخضوع.

وذكر البغوي -رحمه الله- بأنه خص الوجه بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ قال: لأنه إذا جاد بوجهه في السجود لم يبخل بسائر جوارحه يعني في الخضوع، إذا خضع الوجه وهو أشرف الأعضاء فغيره من باب أولى.

وهنا أيضًا يؤخذ من هذه الآية انتفاء الخوف والحزن لمن عبد الله بهذين الوصفين: الإخلاص والمتابعة، فهذا هو أساس وعنوان السعادة.

ثم أيضًا تأمل قوله -تبارك وتعالى: فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ قدَّم ما يتعلق بهذا العامل فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ للاهتمام به، فالعامل يعمل من أجل أن يُحصل عند الله شيئًا، فقدَّم ما يتعلق بالعاملين فَلَهُ أَجْرُهُ ثم أيضًا سمى هذا الجزاء سماه أجرًا فهذا من كمال فضله -تبارك وتعالى- على عباده، وإلا فهو الذي خلق، وهو الذي شرَّع، وهو الذي هدى، وهو الذي وفق، ومع ذلك يعطيهم الأجر مع أن هذا من جملة نعمه عليهم ونعمه على عباده لا تحصى، ومع ذلك سمى هذا العمل الذي لا يكافئ نعمة واحدة من نعمه سماه أجرًا.

ثم تأمل قوله -تبارك وتعالى: فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ فذكر الرب هنا ما قال: عند الله؛ وذلك والله أعلم أن معاني الرب الربوبية العطاء والمنع والأجر والثواب وما إلى ذلك.

ثم إضافة ذلك إلى الرب: فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ هذا يدل على الفخامة لهذا الأجر، يعني ليس أجره عند فلان الذي سيماكسه ويماطله ولربما يهضم أجره أو نحو ذلك، لا، له أجره عند ربه، فما ظنكم بهذا الأجر الذي يكون عن الرب -تبارك وتعالى؟

ثم أيضًا هنا ذكر الرب يدل على مزيد من اللطف فإن من معاني الربوبية أو الرب التربيب والتربية، فالله -تبارك وتعالى- يُصرِّف عباده فيما يرفعهم وينفعهم وكذلك أيضًا الله -تبارك وتعالى- يربيهم بالنعم الظاهرة والباطنة، كذلك أيضًا يُربي هذه الأعمال وينميها حتى تصير التمرة بمنزلة.

وأيضًا يقول: وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة:112] فيه التأكيد باسمية الجملة وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة:112] لاحظ وَلا خَوْفٌ هنا نفى جميع أنواع الخوف القليل والكثير وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فجاء بضمير الفصل بين طرفي الجملة لتقوية النسبة، فنفى ذلك عنهم بالكلية وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يمكن أن يقال: ولا يحزنون، لكن وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ هذا فيه قوة في الكلام بتقوية النسبة كما هو معروف في تقوية الحكم بدخول ضمير الفصل. 

  1.  أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (435)، وبرقم (1390)، في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي ﷺ وأبي بكر، وعمر -رضي الله عنهما- ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد، على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). 
  2.  مجموع الفتاوى (18/ 251). 
  3.  أخرجه الترمذي، في أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ﷺ برقم (2465)، وأحمد في المسند، برقم (21590)، وقال محققوه: "إسناده صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (6507). 
  4.  أخرجه أبو داود عن أبي الدرداء t في الزهد (ص:206)، برقم (223)، والطبري في تهذيب الآثار (1/ 299)، برقم (504). 
  5.  تفسير السعدي (ص:63). 
  6.  المصدر السابق. 
  7.  انظر: تفسير ابن كثير (1/ 385).