الجمعة 28 / ربيع الآخر / 1446 - 01 / نوفمبر 2024
فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ [سورة آل عمران:164]، الآية، وذم من لم يعرف قدر هذه النعمة فقال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [سورة إبراهيم:28] قال ابن عباس - ا -: يعني بنعمة الله محمداً ﷺ ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة، ومقابلتها بذكره، وشكره، فقال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ [سورة البقرة:152] قال مجاهد في قوله: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ [سورة البقرة:151] يقول: كما فعلت فاذكروني، وقال الحسن البصري في قوله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] قال: اذكروني فيما افترضت عليكم أذكرْكُم فيما أوجبت لكم على نفسي، وفي الحديث الصحيح يقول الله تعالى: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه[1]"فقوله تبارك، وتعالى هنا: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] أي: كما بعثت إليكم هذا الرسول، وفعلت بكم هذا الإفضال، والإحسان فاذكروني.
والذكر: يكون باللسان، والقلب، والجوارح، ولهذا أورد الحديث هنا: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي.. إلى آخره، فهذا داخل تحت عموم قوله تبارك، وتعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] اذكروني بألسنتكم أذكركم في الملأ الأعلى، ويدخل فيه أيضاً ذكره - تبارك، وتعالى - بالعمل بالجوارح، ويدخل أيضاً فيه ذكره بالقلب، فإن هذا الذكر تارة يكون بالإقرار بالنعمة باللسان، واستحضارها، وقيام ذلك في القلب مع العمل بالجوارح اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا [سورة سبأ:13].
ويكون أيضاً باللسان، بذكر الله بألوان الذكر، ويكون أيضاً بالقلب بقيام القلب بوظائفه التعبدية من محبة، وشكر، ورضاً، وصبر، وما إلى ذلك من أعمال القلوب، وكذلك بأعمال الجوارح من صلاة، وحج.. إلى غير ذلك، فهذا كله داخل تحت قوله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152]، ولهذا يقول بعضهم كسعيد بن جبير: اذكروني بالطاعة؛ أذكركم بالثواب، فالذكر يكون بالطاعة بجميع أنواعها منقسمة على اللسان، والقلب، والجوارح، اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب، وكذلك أيضاً بذكره باللسان من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وهكذا.
"وروى الإمام أحمد عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة - أو قال: في ملأ خير منه -، وإن دنوت مني شبراً دنوت منك ذراعاً، وإن دنوت مني ذراعاً دنوت منك باعاًَ، وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولة[2] صحيح الإسناد، أخرجه البخاري."على كل حال هذا مما يدخل في الذكر كما سبق، وقول سعيد بن جبير هو من أوضح ما عبّر به عن معناها: "اذكروني بالطاعة؛ أذكركم بالثواب، والمغفرة"، وهو الذي اختاره كبير المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله -، فالآية تشمل هذه الأمور جميعاً.
"وقوله: وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ [سورة البقرة:152] أمر الله تعالى بشكره، ووعد على شكره بمزيد الخير، فقال: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [سورة إبراهيم:7]."الآن في قوله: وَاشْكُرُواْ لِي [سورة البقرة:152] هناك قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] فالذكر يكون باللسان ابتداءً، ويكون بالقلب، والجوارح، وأما الشكر فهو كما يقولون: يكون في مقابل النعمة، اشكروا لي على هذا الإنعام، والإفضال تزدادوا عبودية لله ، وإتباعاً لنبيه ﷺ.
والشكر - كما مر في بعض المناسبات - أصله: من الظهور، أو الزيادة، ولهذا يقال للعُسْلوج الذي يخرج من الشجرة - وهو الغصن الصغير الأخضر بعدما تقطع -: شكير، ويقال للدابة إذا ظهر عليها أثر السمن: شكرت الدابة، بمعنى ظهر عليها أثر السمن، فهذا الشكر هو ظهور أثر النعمة على المنعم عليه باللسان، والقلب، والجوارح، ولهذا قال الشاعر[3]:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي، ولساني، والضمير المحجبا
يقول: إنعامكم، وإفضالكم أثّر عليَّ، ونتج عنه شكر هذه الثلاثة: القلب، واللسان، والجوارح.
"وروى الإمام أحمد عن أبي رجاء العطاردي قال: خرج علينا عمران بن الحصين ، وعليه مُطْرَف [4] من خَزٍّ[5] لم نره عليه قبل ذلك، ولا بعده، فقال: إن رسول الله ﷺ قال: من أنعم الله عليه نعمةً فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه وقال روح مرة: على عبده[6]"من شكر النعمة أن يقر الإنسان بها، ولا يجحدها، لا يقول: هذا من عندي، أو إنما أخذته بعلمي، وحذقي بألوان المكاسب مثلاً، أو يجحد، ويقول: أنا لم أحصّل شيئاً، ولم أربح شيئاً، وهو لم يصدق في هذا الكلام، و مثله الطالب الذي يدخل في الاختبار، ويقول للناس بعدما يخرج: أنا لم أعرف الجواب، ولم أحسن الإجابة، وهو غير صادق بهذا، فهذا من كفر النعمة.
وكذلك أيضاً ظهور أثر هذه النعمة باستعمالها فيما أباحه الله من غير سرف، ولا افتخار، ولذلك فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، فإذا كان الإنسان قد أغناه الله فلا يلبس ثوباً مخرقاً فيظهر أثر ذلك عليه، وهذا لا يعارض: من ترك اللباس تواضعاً لله، وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها [7]، وكذلك في قوله: البذاذة من الإيمان [8] ليس المقصود بالبذاذة: ترك النظافة، وإنما المقصود ترك رفيع الثياب، أي: يلبس أشياء قد تكون وسطاً.
وقوله: وَاشْكُرُواْ لِي [سورة البقرة:152] عدّيت باللام، وهو الذي جاء في القرآن، وهو الأشهر، والأفصح، تقول: شكرت لك، اشكروا لله، وقد تتعدى بنفسها، ولم يرد في القرآن فيما يحضرني، لكنه ورد في كلام العرب.
إنكما إن أنظرتماني ساعةً شكرتكما حتى أُغيّب في قبري[9]
قال: شكرتكما، ولم يقل: شكرت لكما، ومنه قول الآخ[10]:
شكرتك إن الشكر حبلٌ من التقى وما كل من أوليته نعمةً يقضي
قال: شكرتك، ولم يقل: شكرت لك، وهذا موجود على كل حال، ومعروف، لكن المستعمل في القرآن هو المعدى باللام "شكرت له".
  1. أخرجه مسلم في الذكر، والدعاء، والتوبة، باب فضل الذكر، والدعاء، والتقرب إلى الله تعالى (ج 8/ص67 – 7008).
  2. في المسند (ج3/ص138– 12428)، وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وذكره البخاري عن أنس بن مالك عن أبي هريرة مختصراً في كتاب التوحيد باب ذكر النبي ﷺ وروايته عن ربه (ج6/ص2741 – 7099).
  3. ذُكر البيت غير منسوب لقائل في: ربيع الأبرار (ج1/ص472)، وفي (نهاية الأرب في فنون الأدب) (ج1/ص332)، وفي (نفح الطيب) (ج6/ص274)، وغيرها.
  4. المُطْرَف: كمُكرم، بكسر الميم، وضمّها مع سكون الطاء، وفتح الراء فيهما، تقول تميم: مُطْرَف، ومُصحَف، وأهل الحجاز يقولون: مِطْرَف، ومِصْحَف، وهو، واحد المطارف، وهي أردية من خز مربعة لها أعلام، وقيل: ثوب من خز مربع له أعلام، قال الفراء: المطرف من الثياب: ما جعل في طرفيه علمان، والأصل مُطرف بالضم؛ ليكون أخف كما قالوا: مِغزل كمنبر، وأصله مُغزل بالضم من أغزل أي: أدير، والميم زائدة. ينظر: لسان العرب، والقاموس المحيط مادة (طرف)، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير(ج2/ص371)، وجمهرة اللغة (ج1/ص414)، وغيرها.
  5. الخز: هو ضرب من ثياب الإِبْرَيْسَم معروف، وفي هذا الحديث ما يدل على جواز لبسه، قال ابن حجر في فتح الباري (ج10/ص55) عند حديث: ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر، والحرير: "ووقع عند الداودي بالمعجمتين –الخز - ثم تعقبه بأنه ليس بمحفوظ؛ لأن كثيراً من الصحابة لبسوه، وقال ابن الأثير: المشهور في رواية هذا الحديث بالإعجام - لأنه متناسب مع ذكر الحرير -، وهو ضرب من الأبريسم كذا قال، وقد عُرف أن المشهور في رواية البخاري بالمهملتين - لأنه إذا حرم الحرير فالخز نوع منه فيكون تكراراً فالأنسب أن يكون تحريماً لشيء آخر -، وقال ابن العربي: الخز بالمعجمتين، والتشديد مختلف فيه، والأقوى حله، وليس فيه، وعيد، ولا عقوبة بإجماع". لكن كونه بالمهملتين أرجح، وهو ما رجحه شراح البخاري منهم ابن حجر، وإن قال الصنعاني: إن إدخال الحديث في باب اللباس يرجح المعجمتين؛ لأن الخز من اللباس، لكن نقول: إنه، وإن أدخله في باب اللباس فالراجح أنه بالمهملتين، وإدخاله في باب اللباس إنما هو من أجل ما عُطِف عليه، وهو الحرير.، وقد أورد مالك، وابن أبي شيبة، وغيرهما ما يدل على الترخص في لبس الخز. 
  6. في المسند (ج4/ص438 – 19948)، وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين غير فضيل بن فضالة القيسي فقد روى له النسائي، وهو ثقة، وصحح الألباني لفظ: (على عبده) في صحيح الجامع انظر حديث رقم: 1712.
  7. أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع (ج4/ص650 – 2481)، وأحمد في المسند (ج3/ص439 – 15669)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (ج2/ص 337 - 718). 
  8. أخرجه أبو داود في الترجل، باب النهى عن كثير من الإرفاه (ج4/ص125 – 4163)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب من لا يؤبه له (ج2/ص1379 – 4118)، والطبراني في المعجم الكبير (ج1/ص271 – 788)  معجم إياس بن ثعلبة أبو أمامة البلوي، والبيهقي في الشعب، الشعبة الأربعون من شعب الإيمان، وهو باب في الملابس، والزي، والأواني، وما يكره منها، فصل فيمن اختار التواضع في اللباس (ج5/ص155 - 6173)، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: 2879.
  9. البيت نسبه صاحب (تزيين الأسواق في أخبار العشاق)، وصاحب (مصارع العشاق) (ج1/ص84) لجميل بن معمر من رائيته المشهورة (ج1/ص29) التي يقول فيها:خليليّ عوجا اليوم حتى تسلما *** على عذبة الأنياب طيبة النشرِفإنكما إن عجتما لي ساعة *** شكرتكما حتى أُغيّب في قبريوإنكما إن لم تعوجا فإنني *** سأصرف، وجدي فأذنا اليوم بالهجرِ 
  10. هو أبو نُخيلة الراجز، واسمه: يعمر بن حزن بن زائدة بن لقيط بن أبزى بن ظالم بن مخاشن بن حمان، وحمان هو عبد العزى بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وقيل له: حمان لأنه كان يحمم شفتيه، وهو شاعر راجز محسن متقدم في القصيد، والرجز، والبيت من الطويل يمدح فيها مسلمة بن عبد الملك يقول فيها:أمسلمةٌ يا نَجْلَ خير خليفةٍ ***، ويا فارس الهَيْجَا، ويا جبلَ الأرضِشكرتك إن الشكر حَبْلٌ من التقى ***، وما كلُّ من أَوليته نعمةً يقضِيوألقيتَ لما أن أتيتك زائراً *** عليَّ لحافاً سابغَ الطولِ، والعرضِونبهْتَ من ذكرى، وما كان خاملاً ***، ولكن بعض الذكر أنبَهُ من بعضِ.... إلى أخرهاوسمعه الرشيد فقال: "هكذا يكون شعر الأشراف! مدح صاحبه، ولم يضع من نفسه" ينظر:  (أمالي القالي (ج1/ص15)، والتذكرة الحمدونية (ج1/ص448)، و(المحكم، والمحيط الأعظم) (ج3/ص 133)، و(المؤتلف، والمختلف) لابن القيسراني (ج1/ص87)، و(الحيوان) (ج1/ص134)، و(نهاية الأرب في فنون الأدب) (ج1/ص333)، و(الجليس الصالح، والأنيس الناصح) (ج1/ص42)، و(بهجة المجالس، وأنس المجالس) (ج1/ص66)، و(زهر الآداب، وثمر الألباب) (ج1/ص391).

مرات الإستماع: 0

"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ قال: سعيد بن المسيب: معناه: اذكروني بالطاعة، أذكركم بالثواب".

القائل: "اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب، والمغفرة" هو سعيد بن جبير، وليس سعيد بن المسيب، وهذا المعنى الذي ذكره سعيد بن جبير[1] - رحمه الله - هو الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله -[2].

"وقيل: اذكروني بالدعاء، والتسبيح، ونحو ذلك".

 فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ هذا عام، يبين ذلك قول النبي ﷺ في الحديث القدسي: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم[3] فهذا من ذكر الله تبارك، وتعالى لعبده، والمقصود بالذكر في هذا الحديث هو ذكر اللسان، مع مواطأة القلب، وإلا فالذكر يكون بالقلب، واللسان، والجوارح، والجوارح بالطاعة. 

والذكر هنا يشمل أنواع الذكر الثلاثة: الذكر باللسان، ويدخل فيه الحديث فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي[4] ويدخل فيه الذكر بالقلب، وهذا لا بد منه، فذكر اللسان يكون مع مواطأة القلب، وكذلك الذكر بالجوارح بالعمل بطاعته، فهذا أعم على قول سعيد بن جبير - رحمه الله - واختيار ابن جرير - رحم الله الجميع - .

والحسن البصري - رحمه الله - يقول: اذكروني فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت على نفسي[5].

والذي أوجبه على نفسه: هو الثواب، والمضاعفة للحسنة بعشر أمثالها، وأنه لا يضيع عمل عامل، ونحو ذلك.

"وقد أكثر المفسرون، ولا سيما المتصوفة في تفسير هذا الموضع، بألفاظ لها معاني مخصوصة، ولا دليل على التخصيص، وبالجملة فهذه الآية بيان لشرف الذكر، وبيّنها قول رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم[6] والذكر ثلاثة أنواع: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وبهما معًا".

ذكر بالقلب، وذكر باللسان يعني مجرداً، وبهما معًا، فجعل هذا هو النوع الثالث، فالذكر قد يكون باللسان من غير مواطأة القلب، وهذا أضعف، وقد يكون بالقلب، فلو أردنا أن نقسم على طريقته، فتكون الأقسام أكثر من ثلاثة:

الأول: ذكر باللسان من غير مواطأة القلب، وهذا أضعفها.

الثاني: ذكر بالقلب باستحضار عظمته، وشكره بالقلب، ونحو ذلك من مراقبته، الحياء منه، والخوف، والرجاء، ونحو ذلك من الأعمال القلبية، فهذا ذكر بالقلب.

الثالث: ذكر بالقلب مع اللسان، وهذا هو الأكمل.

الرابع: ذكر بالجوارح.

فصارت الأقسام بهذا الاعتبار: لسان فقط، قلب فقط، لسان، وقلب: هذه ثلاثة، والرابع: الجوارح.

وإذا أردنا أن نقسم أكثر نقول: والخامس: الذكر بالقلب، واللسان، والجوارح، يعني تجعل الجوارح قسمًا مستقلًا، أو تجعل هذه الثلاثة معًا، وهذا هو المشهور أن الذكر يكون بالقلب، واللسان، والجوارح.

"واعلم أن الذكر أفضل الأعمال على الجملة، وإن ورد في بعض الأحاديث تفضيل غيره من الأعمال: كالصلاة، وغيرها، فإن ذلك لما فيها من معنى الذكر، والحضور مع الله تعالى، والدليل على فضيلة الذكر من ثلاثة أوجه:

الأول: النصوص الواردة بتفضيله على سائر الأعمال، قال رسول الله ﷺ: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله[7].

وسُئل رسول الله ﷺ: أي الأعمال أفضل؟ قال: ذكر الله[8] قيل: الذكر أفضل، أم الجهاد في سبيل الله؟ فقال: لو ضرب المجاهد بسيفه في الكفار حتى ينقطع سيفه، ويختضب دمًا، لكان الذاكر لله أفضل منه[9]."

هذا الحديث فيه ضعف، وهذا كله خارج عن التفسير، يعني الكلام على فضل الذكر، وأنواع الذكر، ونحو ذلك، وهذا يقع للمؤلف في الكلام على بعض الفضائل، والأخلاق، والآداب، والأعمال القلبية، يتحدث عنها بحديث يخرج عن التفسير.

"الوجه الثاني: أن الله تعالى حيث ما أمر بالذكر، أو أثنى على الذاكرين اشترط فيه الكثرة، فقال: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب: 41] وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 35] ولم يشترط ذلك في سائر الأعمال".

يعني هذا يدل على فضل الذكر، لم يرد مقيدًا بالكثرة بشيء من الأعمال إلا  بالذكر.

"الوجه الثالث: إن في الذكر مزية هي له خاصة، وليست لغيره، وهي الحضور في الحضرة العلية، والوصول إلى القرب الذي عبّر عنه ما ورد في الحديث من المجالسة، والمعية، فإن الله تعالى يقول: أنا جليس من ذكرني[10] ويقول: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين ذكرني[11]".

مثل هذه العبارات هي من عبارات الصوفية: الحضور، وفي الحضرة العلية. 

ويقول: "عبّر عنه ما ورد في الحديث من المجالسة" بناء على أنا جليس من ذكرني وهذا لا يصح عن النبي ﷺ ومثل هذه العبارات، عبارات هؤلاء الصوفية: في الحضرة العلية، والمجالسة، ونحو هذا لا حاجة إليها.

"وللناس في المقصد بالذكر مقامان: فمقصد العامة اكتساب الأجور، ومقصد الخاصة القرب، والحضور، وما بين المقامين بون بعيد، فكم بين من يأخذ أجره، وهو من وراء حجاب، وبين من يقرب حتى يكون من خواص الأحباب".

وهذا أيضًا الكلام فيه إشكال، فالعبادات بأنواعها كما أخبر الله - تبارك، وتعالى - عن عباده المقربين: بأنهم يدعونه خوفًا طعمًا، خوفًا من عقابه، وطمعًا في ثوابه، فلا يقال: بأن مثل هذا من المراتب المنسفلة، وأن ذلك للمحجوبين، وأن مراتب أهل المقامات العالية، وهم عندهم خاصة الخاصة، الذين يذكرونه - تبارك، وتعالى - من أجل القرب، والحضور، فهذا خلاف ما دل عليه الكتاب، والسنة، وهدي النبي ﷺ وما ذكر الله - تبارك، وتعالى - عن وصف أوليائه من الأنبياء - عليهم الصلاة، والسلام - وأتباع الرسل، فلا حاجة لمثل هذا الكلام، وما يروى عن رابعة العدوية أنها تقول: "ما عبدتك خوفاً من عقابك، ولا رجاء لثوابك"[12] وما أشبه ذلك من العبارات التي تُنقل عن بعضهم، كل هذا خلاف ما دل عليه القرآن، وكذلك السنة، وحال الصحابة، والسلف الصالح على اختلاف هذا، والله أمر بدعائه خوفًا، وطعمًا، فيجمع بين هذا، وهذا، ويكون العبد بحال بين الخوف، والرجاء، هذا هو الأكمل في حالات العبد.

فذَكَرَ هذين الحالين، ويبدو أنه ما اطّلع على حال تروج اليوم، وهي: أن يُذكر من أجل تحصل مطالب دنيوية، كالرسائل التي تُنشر اليوم، وتُتداول، كمن يقول: "قوموا الليل من أجل أولادكم" فهذا من المطالب الدنيوية، يعني من أجل صلاح الأولاد، أو تصدقوا من أجل صلاح الأولاد، فهذا مطلب دنيوي، لا يصح أن يكون بالقصد الأول، وأن يعمل الإنسان الأعمال الصالحة من أجل تحصيل مطالب دنيوية، فهذا لا يصح، لكن لو كان هذا على سبيل التبع، فيقول الإنسان الأذكار تقربًا إلى الله ورجاء ما عنده من الثواب؛ وليتحقق المقصود من ذلك على سبيل التبع من الحفظ، ونحو هذا، ويخرج الإنسان زكاة المال تقربًا إلى الله؛ ولينمو المال على سبيل التبع، لكن بالقصد الأول يزكي لينمو ماله فقط، وهكذا يتقرب إلى الله من أجل تحصيل أمور دنيوية؛ ليبارك له في ماله، أو، ولده، أو نحو هذا، فهذا لا يصح مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود: 15، 16] فـ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف: 46] إذا كان الإنسان يعمل الأعمال الصالحة من أجل الأولاد، فهذا ليس عمله لله.

"واعلم أن الذكر على أنواع كثيرة: فمنها التهليل، والتسبيح، والتكبير، والتحميد، والحوقلة، والحسبلة، وذكر كل اسم من أسماء الله تعالى، والصلاة على النبي ﷺ والاستغفار، وغير ذلك". 

الحوقلة: قول لا حول، ولا قوة إلا بالله، والحسبلة قول: حسبنا الله، ونعم الوكيل.

قال: "وذكر كل اسم من أسماء الله تعالى" يعني الاسم المفرد: الله، الله، الله، هذا كلام الصوفية، ولا يصح ذكره بالاسم المفرد، بل هذا من المبدع المحدثة، وإنما كما جاء يقول: الله أكبر، سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، سبحان الله، وبحمده، سبحان الله العظيم، ونحو ذلك، أما الذكر بالاسم المفرد فلم يرد، لا في الكتاب، ولا في السنة، ولم يُرشد إليه النبي ﷺ ولم يُنقل عن أحد من أصحابه، وإنما كان ذلك من محدثات الصوفية، وهو لا يدل على كمال تنزيه، أو ما يُقصد بالذكر، فمثل هذا لا يُشرع، ولو جاء أحد إلى عظيم من أهل الدنيا، وجعل يردد اسمه فقط؛ لعد ذلك مستهجنًا، ومن السخرية به، لكن لو أنه قال: فلان ملك، فلان عظيم، فلان كبير في الناس، فلان له أوصاف جميلة، ونحو هذا، فهذا هو الثناء، والمدح، والحمد، أما ترديد الاسم فقط فهذا لا يُشرع، يُذكر عن الشريف في مكة أنه كان بحضرته بعض الشيوخ ممن عندهم شيء من التصوف، فجاء ذكر (الذكر بالاسم المفرد) وكان في المجلس الشيخ ابن عيسى - رحمه الله - شارح نونية ابن القيم، كان مقيمًا في مكة، وكان تاجرًا، وعلى عقيدة السلف، فنظر إليه الشريف، وقال: ما تقول في هذا؟ ويعرف أنه يخالفهم، وأنه صاحب سنة، فقال: لو أنه جاءك أحد، وجلس يردد اسمك اسمه الشريف عون، يقول: عون، عون، عون، عون، ماذا تفعل به؟ فقال: كلام الشيخ صحيح، أجاب بجواب واضح.

"ولكل ذكر خاصيته، وثمرته. فأما التهليل: فثمرته التوحيد: أعني التوحيد الخاص، فإن التوحيد العام حاصل لكل مؤمن، وأما التكبير: فثمرته التعظيم، والإجلال لذي الجلال، وأما الحمد، والأسماء التي معناها الإحسان، والرحمة: كالرحمن، والرحيم، والكريم، والغفار، وشبه ذلك؛ فثمرتها ثلاث مقامات: وهي الشكر، وقوة الرجاء، والمحبة، فإن المحسن محبوب لا محالة. وأما الحوقلة، والحسبلة: فثمرتها التوكل على الله، والتفويض إلى الله، والثقة بالله، وأما الأسماء التي معناها الاطلاع، والإدراك: كالعليم، والسميع، والبصير، والرقيب، وشبه ذلك؛ فثمرتها المراقبة. وأما الصلاة على النبي ﷺ: فثمرتها شدّة المحبة فيه، والمحافظة على اتباع سنته".

وكذلك أيضًا ما يترتب على ذلك من صلاة الله على العبد، لكن هو يتحدث عن الأثر الذي يكون في نفس المتعبد، ما يرجع إليه هو، لا يتحدث عن الثواب، وإلا فثمرة التوحيد هي دخول الجنة، لكنه ما ذكر هذا باعتبار ما هو الأثر على الموحد.

"وأما الاستغفار: فثمرته الاستقامة على التقوى، والمحافظة على شروط التوبة مع انكسار القلب بسبب الذنوب المتقدمة".

الاستغفار ثمرته مغفرة الذنوب، لكنه لا يتحدث عن النتيجة المرتبة عليه عند الله وإنما يتحدث عن الأثر الذي ينعكس في نفس المستغفر.

"ثم إن ثمرات الذكر التي تجمع الأسماء، والصفات مجموعة في الذكر الفرد، وهو قولنا: الله، الله، فهذا هو الغاية، وإليه المنتهى".

يقول: "ثمرة الذكر التي تجمع الأسماء، والصفات مجموعة في الذكر الفرد، وهو قولنا: الله، الله من أين هذا؟! وبأي أثارة من علم، فهذا لا يصح بحال.

  1.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (3/ 211).
  2.  المصدر السابق
  3.  أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ويحذركم الله نفسه [آل عمران: 28] برقم: (7405)، ومسلم في كتاب الذكر، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، باب فضل الذكر، والدعاء، والتقرب إلى الله تعالى برقم: (2675).
  4.  سبق تخريجه.
  5.  تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 465).
  6.  سبق تخريجه.
  7.  أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الدعوات برقم: (3377) وصححه الألباني، ولفظه: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب، والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى. قال: ذكر الله تعالى.
  8. شرح السنة للبغوي (5/ 16 - 1245) بلفظ: جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ فقال: أي الناس خير؟ فقال: طوبى لمن طال عمره، وحسن عمله قال: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تفارق الدنيا، ولسانك رطب من ذكر الله.
  9.  أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (20/ 166 - 352) بلفظ: قال رسول الله ﷺ : ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا، إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثلاث مرات.
  10.  أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (2/ 171 - 670).
  11.  أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ويحذركم الله نفسه [آل عمران: 28] برقم: (7405) ومسلم في كتاب الذكر، والدعاء، والتوبة، والاستغفار باب الحث على ذكر الله تعالى برقم (2675) ولفظه: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني.
  12.  حاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي =عنايه القاضي، وكفاية الراضي (7/ 332).

مرات الإستماع: 0

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [سورة البقرة:152] ذكره هنا -تبارك وتعالى- يحتمل أن يكون المراد به الذكر باللسان، وكما يدل على ذلك قوله -تبارك وتعالى- في الحديث القدسي: فمن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملاءه[1] فهذا ذكر، وهو الذكر باللسان، ذكرني في نفسه يعني: لم يجهر بذلك لم يكن في ملأ، أو كان منفردًا، وليس المقصود به الذكر بالقلب وحده فإن الذكر الشرعي ما توطأ عليه القلب واللسان.

ويحتمل أن يكون المقصود بذلك: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] يعني: اعبدوني أُثبكم، فهذا معنى، فإن الذكر يكون باللسان وبالقلب وكذلك يكون بالجوارح بالعمل الصالح، وهذه المعاني -والله تعالى أعلم- يمكن أن تجتمع تحت الآية، ولكن المتبادر هو الذكر باللسان: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] ولو لم يكن لهؤلاء الذاكرين من الشرف إلا أن الله يذكرهم لكفاهم، لو قيل للإنسان للمخلوق بأن فلانًا ممن يعظمه الناس يذكرك في مجلسه عند كبراء جلسائه ويُثني عليك فإنه يغتبط بذلك، فكيف بذكر الله -تبارك وتعالى- للعبد.

ثم إن هذا الذكر قريب المنال لا يحتاج إلى عمل كثير ولا إلى جهد كبير وإنما مباشرة: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة:152] فرتب عليه هذا الجزاء، ويؤخذ من هذا أن الجزاء من جنس العمل، فذكر العبد لربه يورث ذكرًا للعبد من قِبل ربه وخالقه وشتان بين ذكر العبد للرب وبين ذكر الرب للعبد، ولكنه العظيم الكريم الأكرم الذي من صفاته أنه شكور، والشكور من معانيه أنه يُجازي على الإحسان إحسانًا ويُضاعف في الجزاء.

وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [سورة البقرة:152] فالعبد بين نِعم يتقلب فيها يحتاج معها إلى شكر، وبين طاعات يوفق إليها وهي أجل النعمتين فيحتاج معها إلى شكر: وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [سورة البقرة:152] فجاء بعده بهذا التعقيب وَلا تَكْفُرُونِ تأكيدًا لهذا المعنى في الشكر، وكل ذلك -والله تعالى أعلم- من أجل تحقيق الشكر الذي لا يُخالطه كفران، ومن أعظم الكفر كفر النعمة من أعظمه أن يستعمل العبد نعمة الله -تبارك وتعالى- عليه بمعصيته، أنعم الله عليه بالسمع والبصر فلا يصح بحال من الأحوال أن يستعين بسمعه وبصره على مساخط الله، أنعم الله -تبارك وتعالى- عليه بالمال فلا يصح أن يستعين بهذا المال على مساخط الله.

أنعم الله -تبارك وتعالى- عليه بهذه المراكب والوسائل التي يُستعان بها على الحاجات والمهمات والملمات فلا يصح أن يستخدم ذلك وأن يستعين به على مساخط ربه وخالقه -تبارك وتعالى- فهذا من كفر النعمة: وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [سورة البقرة:152] فأمر بذكره وشكره، والعبد بين هاتين الحالتين لا يُفارقهما بحال من الأحوال الذكر والشكر، فهو بين نِعم مُتجددة وبين ذكر لربه -تبارك وتعالى- وطاعة يتقرب بها إليه، ولهذا كان أنفع الدعاء كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية[2] والحافظ ابن القيم[3] -رحم الله الجميع: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك[4] فإذا أُعين الإنسان على ذكر الله -تبارك وتعالى- فيكون مؤديًا للطاعات، وإذا كان يُقابل النِعم بالشُكر فإنه بذلك يكون في درجة أعلى، فإذا أُعين على حُسن العبادة يكون قد بلغ مرتبة الإحسان فهذه مراتب ثلاث: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك

  1.  أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [سورة آل عمران:28] برقم (7405)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، برقم (2675). 
  2.  مجموع الفتاوى (8/ 330). 
  3.  مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 100). 
  4.  أخرجه أبو داود، باب تفريع أبواب الوتر، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي، كتاب السهو، نوع آخر من الدعاء، برقم (1303)، وأحمد في المسند، برقم (22119)، وقال محققوه: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عقبة بن مسلم، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأبو داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة" وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1362).