الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِى ظُلُمَٰتٍ لَّا يُبْصِرُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ۝ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ [سورة البقرة:17-18]،  تقدير هذا المثل: أن الله سبحانه شبَّههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله، وانتفع بها، وأبصر بها ما عن يمينه وشماله، وتَأنَّس بها، فبينا هو كذلك إذْ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد لا يبصر ولا يهتدي، وهو مع هذا أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، أعمى لو كان ضياء لما أبصر؛ فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضاً عن الهدى، واستحبابهم الغَيّ على الرّشَد، وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا، كما أخبر تعالى عنهم في غير هذا الموضع، والله أعلم.
قال ابن كثير - رحمه الله -: آمنوا ثم كفروا أخذاً من قوله تعالى: اسْتَوْقَدَ نَاراً [سورة البقرة:17]، فالمقصود بالنار هنا على قول ابن كثير - وهو قول طائفة من السلف - أنهم دخلوا في الإيمان، ثم بعد ذلك نكصوا فلم يرجعوا إليه، فهذا مثل الذي استوقد ناراًـ ثم انطفأت عليه تلك النار، وبالمناسبة فهذا هو أول مثل في القرآن.
وقوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً [سورة البقرة:17] هذا أول مثل في القرآن، وقد قال  الله تعالى عن الأمثال: وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [سورة العنكبوت:43]، وهذا المثل والذي بعده الذي هو قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ [سورة البقرة:19] كلام أهل العلم فيه كثير جداً، ويمكن أن نشير إلى بعض الملاحظ التي ينطلقون منها في تفسير هذين المثلين.
فالمثل الأول وهو قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [سورة البقرة:17]، إذا تأملت في لفظ اسْتَوْقَدَ لربما تشعر وكأنه استعار شيئاً وهو النور، ثم إن هذا النور إنما كان من النار، ولم يكن من عند أنفسهم، فهو شيء منفصل عنهم، وهذا قد يشعر بخلاف ما ذكره ابن كثير - رحمه الله - لأنه نور مستعار كقميص استعاروه، وذلك لغرض في نفوسهم، ثم ما لبثوا أن تحول إلى شيء آخر، ومعنى هذا الكلام أنهم أظهروا الدخول في الإسلام، أو دخلوا في الإسلام على القول الآخر وهو الذي أشار إليه ابن كثير، ويكون المقصود أن هذا حصل لمدة مؤقتة بحيث إنهم لما أظهروا هذا الإسلام حصلت لهم مصالح كالذكر الجميل - الذي لا يستفيض -، وإجراء أحكام الإسلام عليهم، فصاروا يأخذون من الغنيمة والفيء من بيت مال المسلمين، وصار لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، فحقنوا دماءهم، وأحرزوا ممتلكاتهم، وصاروا كغيرهم بخلاف الآخرين من القبائل الكفار الذين يقاتلون، فيُقتلون، ويؤسرون، ويسترقون، وتؤخذ أموالهم غنائم.
وبعض أهل العلم فسرها بقوله: كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ [سورة المائدة:64] أي أنه استوقد ناراً للفتنة ثم أطفأها الله، وهذا القول في غاية البعد، وهو من تفسير القرآن بالقرآن الذي يخطئ فيه المفسر بالربط، حيث إن الاجتهاد له مدخل في تفسير القرآن بالقرآن، وهذا مثال عليه.
ويقول بعض أهل العلم: إن هذا المثل مضروب لهم في الدنيا، وبعضهم يقول: في البرزخ، وبعضهم يقول: في الآخرة، والصواب أنه يحمل على الأحوال الثلاثة، فهم أظهروا هذا فهتكهم الله في الدنيا، وفي البرزخ يلقون العذاب، في الآخرة يحصل لهم الظلمة، ويتساقطون في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [سورة النساء:145].
وكما قال تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ [سورة الحديد:13].
وسواء قلنا: إنهم دخلوا في الإسلام فعلاً، أو كانت القضية مجرد إظهار للإسلام؛ فهذا كله لا منافاة فيه، فمنهم من كان كذا، ومنهم من كان كذا، وبالتالي هم في الواقع سواءً، فالذين دخلوا في الإسلام عرفوا حجج الدين، وبراهينه، وصدق ما جاء به النبي ﷺ، وكان مآلهم أن انتكسوا وارتكسوا، والذين تظاهروا بالإسلام، وكانوا داخل الصف الإسلامي، ويصلون مع النبي ﷺ، ويأتون الغزوات، ويرون المعجزات، هم في الحقيقة لا يؤمنون.
وعلى كل حال فالمعاني الدقيقة التي تذكر في هذا المثل، وتنزيل كل لفظة فيه على معنىً يتعلق بالمنافقين؛ من العلماء من نحى منحىً آخر عن ذكرها وقال: هذا المثل مثل مركب، وأصل الأمثال المركبة لا تحتاج أن تنزل كل لفظة أو جملة فيها على من ضربت له من أجل أن يحصل تفسير هذه اللفظة والجملة بناءً على حال هذا الإنسان، وإنما يؤخذ المثل ككل، بمعنى أن هذه الأمثال لا تفسر جملة جملة إلا على سبيل إيضاح غريب الألفاظ، لا على سبيل التنزيل على من ضربت له كلمة كلمة، وجملة جملة؛ فقد تكون بعض الجمل إنما ذكرت ليفهم منها المراد على سبيل الإجمال، وإن لم يكن لهذه الجملة معنىً يخصها يتعلق بمثل هذا الإنسان الذي ضربت له بمفردها، وإنما هي مع غيرها تعطي تصوراً على هذا.
وبناء على ذلك يقولون: المراد بهذا المثل الذي ضربه الله في هذه السورة أن هؤلاء القوم قد تظاهروا بالدخول في الإسلام فحصلت لهم مكاسب، وعرفوا براهين الحق، ثم تركوا ذلك، وأداروا ظهورهم له، وأعرضوا عنه، فصاروا فاقدين للنور، وصاروا في ظلمة كما وصف الله هذا الإنسان الذي أوقد النار في مكان مظلم، فلما سُرَّ بها، وفرح بها، وحصل له بها الدفء، وشعر بالأمن بعد أن كان خائفاً من شدة الظلام من حوله، وحصلت له منها منافع أخرى فهو يتسدفئ بها، ويصنع طعامه؛ فإذا بها انطفأت في  وقت هو أحوج ما يكون إليها، وهكذا حال هؤلاء المنافقين حيث ينطفئ هذا النور عنهم في الآخرة على الصراط الذي هو أدق من الشعرة، وأحدُّ من السيف كما وصف النبي ﷺ[1] نسأل الله العافية.
قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ* صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ [سورة البقرة:17-18]: "تقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى؛ بمن استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله، وانتفع بها، وأبصر بها ما عن يمينه وشماله، وتأنس بها؛ فبينا هو كذلك؛ إذ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد لا يبصر، ولا يهتدي، وهو مع هذا أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، أعمى لو كان ضياء لما أبصر، فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضاً عن الهدى، واستحبابهم الغي على الرشَد، وفي هذا المثل دلالة على  أنهم آمنوا، ثم كفروا، كما أخبر تعالى عنهم في غير هذا الموضع، والله أعلم.
وقوله تعالى: ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ أي: ذهب عنهم بما ينفعهم وهو النور، وأبقى لهم ما يضرهم وهو الإحراق والدخان، وتركهم في ظلمات، وهو ما هم فيه من الشك، والكفر، والنفاق.
لاَّ يُبْصِرُونَ: لا يهتدون إلى سبيل خير، ولا يعرفونها، وهم مع ذلك صم لا يسمعون خيراً، بكم لا يتكلمون بما ينفعهم، عميٌ في ضلالة، وعماية البصيرة كما قال تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [سورة الحج:46]، فلهذا لا يرجعون إلى ما كانوا عليه من الهداية التي باعوها بالضلالة".

فهذا المثل ضربه الله للمنافقين مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً[سورة البقرة:17]: والسين والتاء للطلب، ومن أهل العلم من يقول: إن ذلك يشعر بأن هذا مستعار، فهذا الإيمان، أو هذا الذي حصل لهم مما انتفعوا به في الدنيا بحقن الدماء، وإحراز الأموال؛ لم يكن نابعاً من داخل نفوسهم، وإنما هو شيء استقدموه، واستفادوه من غيرهم، وذلك أنهم أظهروا الإيمان للمؤمنين، ودخلوا معهم في الإيمان ظاهراً؛ فحصلوا هذه الغنيمة البائسة، وهي أنه لم يكن لهم من ذلك إلا إحراز الأموال، وحقن الدماء، دون أن يكون ذلك مؤثراً فيهم في انشراح الصدر، ونور البصيرة، والانتفاع بالحق الذي يسمعونه صباح مساء عند رسول الله ﷺ، وكان نتيجة ذلك أنهم أبعد ما يكونون عن الهدى، والحق، فلا يتكلمون به، ولا يصدر عنهم، ثم ما يلبث ذلك أن يتلاشى جميعاً كما ينطفئ نورهم في الآخرة عند الصراط، ويبقون في ظلمات؛ فكذلك هذا النور الذي استعاروه، واقتبسوه؛ ما يلبث أن يذهب ثم بعد ذلك يعرفون الحقائق، وتنجلي لهم الأمور وتنكشف، ويذهب ذلك الضياء الذي استضاؤوا به مؤقتاً، ثم بعد ذلك تبقى حرارة النار التي أوقدوها، وإحراقها، ودخانها، وهذا يصور حال هؤلاء المنافقين كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ: هذا دخوله في الإيمان ظاهراً، وقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا: هذا يدل على أنهم دخلوا في الإيمان، ثم رجعوا عنه، على قول هؤلاء الذين ذكرنا لا يكون لازماً أنهم دخلوا في الإيمان؛ إنما دخلوا فيه ظاهراً فاستفادوا هذه الفوائد الدنيوية، ولهذا فإن الله يقول في مثل هؤلاء: لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [سورة التوبة:66]؛ فهم لم يكونوا مؤمنين في حقيقة الأمر، وإنما المقصود - والله تعالى أعلم - قد كفرتم بعد إيمانكم الذي أظهرتموه.
فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ: فهذا المنافق ادعى الدخول في الإسلام فاستفاد مثل صاحب النار الذي أوقدها، أضاءت له المنطقة المحيطة القريبة منه، ثم بعد ذلك ما تلبث أن تنطفئ.
ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [سورة البقرة:17]: ذهب النور، وبقيت الحرارة.
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ۝ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ [سورة البقرة:17-18]  تقدير هذا المثل: أن الله سبحانه شبَّههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله، وانتفع بها، وأبصر بها ما عن يمينه وشماله، وتَأنَّس بها، فبينا هو كذلك إذْ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد لا يبصر ولا يهتدي، وهو مع هذا أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، أعمى لو كان ضياء لما أبصر؛ فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضاً عن الهدى، واستحبابهم الغَيّ على الرّشَد، وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا، كما أخبر تعالى عنهم في غير هذا الموضع، والله أعلم.
وقوله تعالى: ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ أي: ذهب عنهم بما ينفعهم وهو النور، وأبقى لهم ما يضرهم وهو الإحراق والدخان، وتركهم في ظلمات، وهو ما هم فيه من الشك، والكفر، والنفاق.
لاَّ يُبْصِرُونَ: لا يهتدون إلى سبيل خير، ولا يعرفونها، وهم مع ذلك صم لا يسمعون خيراً، بكم لا يتكلمون بما ينفعهم، عميٌ في ضلالة، وعماية البصيرة كما قال تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [سورة الحج:46]، فلهذا لا يرجعون إلى ما كانوا عليه من الهداية التي باعوها بالضلالة.

فهذا المثل ضربه الله للمنافقين مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً [سورة البقرة:17] والسين والتاء للطلب، ومن أهل العلم من يقول: إن ذلك يشعر بأن هذا مستعار، فهذا الإيمان، أو هذا الذي حصل لهم مما انتفعوا به في الدنيا بحقن الدماء، وإحراز الأموال؛ لم يكن نابعاً من داخل نفوسهم، وإنما هو شيء استقدموه، واستفادوه من غيرهم، وذلك أنهم أظهروا الإيمان للمؤمنين، ودخلوا معهم في الإيمان ظاهراً، فحصلوا هذه الغنيمة البائسة وهي أنه لم يكن لهم من ذلك إلا إحراز الأموال، وحقن الدماء، دون أن يكون ذلك مؤثراً فيهم في انشراح الصدر، ونور البصيرة، والانتفاع بالحق الذي يسمعونه صباح مساء عند رسول الله ﷺ، وكان نتيجة ذلك أنهم أبعد ما يكونون عن الهدى والحق، فلا يتكلمون به، ولا يصدر عنهم، ثم ما يلبث ذلك أن يتلاشى جميعاً كما ينطفئ نورهم في الآخرة عند الصراط، ويبقون في ظلمات؛ فكذلك هذا النور الذي استعاروه، واقتبسوه؛ ما يلبث أن يذهب ثم بعد ذلك يعرفون الحقائق، وتنجلي لهم الأمور وتنكشف، ويذهب ذلك الضياء الذي استضاؤوا به مؤقتاً، ثم بعد ذلك تبقى حرارة النار التي أوقدوها، وإحراقها، ودخانها، وهذا يصور حال هؤلاء المنافقين كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ: هذا دخوله في الإيمان ظاهراً، وقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا: هذا يدل على أنهم دخلوا في الإيمان ثم رجعوا عنه، على قول هؤلاء الذين ذكرنا لا يكون لازماً أنهم دخلوا في الإيمان، إنما دخلوا فيه ظاهراً، فاستفادوا هذه الفوائد الدنيوية، ولهذا فإن الله يقول في مثل هؤلاء: لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [سورة التوبة:66]، فهم لم يكونوا مؤمنين في حقيقة الأمر، وإنما المقصود - والله تعالى أعلم - قد كفرتم بعد إيمانكم الذي أظهرتموه.
فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ: فهذا المنافق ادعى الدخول في الإسلام فاستفاد، مثل صاحب النار الذي أوقدها، أضاءت له المنطقة المحيطة القريبة منه، ثم بعد ذلك ما تلبث أن تنطفئ.
ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [سورة البقرة:17]: ذهب النور، وبقيت الحرارة.
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ [سورة البقرة:18] لا يتكلمون بالحق، ولا يبصرونه مهما كانت دلائله ظاهرة - نسأل الله العافية - يحضر مع النبي ﷺ، وتنزل الآيات، ويسمعها؛ فإذا خرج قال: مَاذَا قَالَ آنِفًا [سورة محمد:16] إلى هذا الحد مَاذَا قَالَ آنِفًا!!
حاضر مع الحاضرين عند رسول الله ﷺ، وتظن أنه استفاد، وأنه تأثر مع الآخرين بالآيات التي تليت عليهم، فإذا خرج إذا به يسأل: ماذا كان يقول النبي - عليه الصلاة والسلام - كما حصل حينما كان يستسقي النبي ﷺ إذا أجدب الناس في أسفاره، وفي حضره، فيأتي الله بالخير، فيقول أحدهم: إنما هو سحاب عارض!.
في بعض البلاد قام الدعاة واستسقوا - قبل سنوات - ثم أنزل الله المطر، فقام المنافقون من أرباب الصحف، والكتاب، والمحاربين لله ورسوله، وبدؤوا يتهكمون، ويقولون: هؤلاء درسوا الأحوال الجوية، وعرفوا أنه يوجد منخفض أو مرتفع جوي، ووقتوا صلاتهم في هذا الوقت من أجل أن يضحكوا على الناس، ويقولون: استسقينا فنزل المطر.
مثل هؤلاء مهما جاء من الآيات لا تزيدهم إلا كفراً، وإعراضاً، والذي جعلهم كذلك هو الله تبارك وتعالى؛ لأنهم هانوا عليه فأذلهم، لذلك تجد الواحد منهم لا ينتفع بما يسمع فهو أصم، ولا ينطق بالحق فهو أبكم لا ينطق إلا بالباطل، ولا يكتب إلا الباطل، ولا يدعو إلا إلى الباطل، فهو شر محض، وجندي من جند الشيطان، وكل ما قرأت له مقالة أصابك ما يصيبك من الغم، والحزن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ [سورة البقرة:18]: لا يرون الحق، ولا يرون دلائله أبداً، فهم لا يرجعون إليه؛ لأن المنافذ قد سدت.
أحياناً ترى عبراً فيقول: هذه كافية لمن كان له قلب، أو ترى إنساناً يموت من يموت له، فيذهب في جنازته، وتقول: لعله يرجع ويتأثر، لكن أنَّى له بهذا، وقد قفل عليه كل شيء.
فمثل هؤلاء لا يؤسف عليهم، فالله لو شاء لما كانوا كذلك، فله حكمة بالغة في ذلك، قال تعالى: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [سورة يونس:99].
إن ما نشاهده هذه الأيام من حرب الله ورسوله عن طريق هؤلاء الكتاب حيث أظهروا كل المستور، وأعلنوا عن عداوتهم للإسلام بكل مناسبة، وبدون مناسبة، فمثل هؤلاء هانوا على الله فأذلهم وأهانهم، ولن يضروا الله شيئاً، وإنما يضرون أنفسهم.
  1. أخرجه مسلم في كتاب: الإيمان - باب: معرفة طريق الرؤية (183) (ج 1 / ص 167) عن أبي سعيد الخدري .

مرات الإستماع: 0

"مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ [البقرة:17] إن كان المثل هنا بمعنى حالهم، وصفتهم، فالكاف للتشبيه، وإن كان المثل بمعنى التشبيه، فالكاف زائدة".

 

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ [البقرة:17] يعني: الكاف تدل على التشبيه، و(مثل) أيضاً تدل على التشبيه، فإن أصل لفظة (المثل) كما مضى في الكلام على الغريب تدل على الشبه في عامة استعمالاتها، بل بعض أهل العلم كشيخ الإسلام - رحمه الله - يقول: بأن لفظة المثل تدل الشبه بإطلاق[1] فيقال: هذا مَثل هذا، وهذا مِثل هذا، يعني: أنه نظير لهذا، فهنا ذكر (الكاف) الدالة على التشبيه، وذكر (مثل) الدالة على التشبيه، ففي مثل هذه المواضع، كقوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] يقولون: فيه زيادة في الكلام، باعتبار ما ذُكر، الكاف وحدها ليس كهو شيء (مثلهم كالذي استوقد ناراً) فالكاف تدل على التشبيه، ويحصل أصل المعنى المطلوب، أو (مثلهم مثل الذي استوقد ناراً) لكن مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً، يقول: "إن كان المثل هنا بمعنى حالهم، وصفتهم، فالكاف للتشبيه" كالذي استوقد، كمثل، فـ(مثل) الثانية تُفسر بالصفة (كصفة) يعني ألا تكون (مثل) للتشبيه، مع أن بعض أهل العلم يأبى هذا، وشيخ الإسلام - رحمه الله - يقول: إن (المثل) لا يأتي بمعنى الصفة[2]مع أن هذا فيه إشكال، ففي بعض المواضع يصُعب حمل المثل فيها على معنى الشبه، والشبيه، كـمَثَلُ الْجَنَّة [الرعد: 35] فهل يقال هنا: شبه الجنة؟ الأقرب، والمُتبادر - والله أعلم - أن المعنى: صفة الجنة، وذَكَرَ ما فيها من النعيم، والأنهار، فهذا يُعبر عنه مثل صاحب الكشاف[3] وغيره ممن وافقه، لا أعني في خصوص هذا الموضع، لكن في كلمة (المثل) يقولون: يُطلق على الصفة العجيبة.

فالمقصود: أن المثل يأتي بمعنى الصفة، لكنه في مواضع قليلة، فهنا يريد أن يقول: بأن كلمة مثل هنا إن قُصد بها الصفة، والحال، فيكون المعنى: مثلهم - صفتهم - (كـ) الكاف للتشبيه، كصفة الذي استوقد ناراً، إذاً لم يوجد عندنا الكاف، و(مثل)، وكلاهما يدل على التشبيه، فيُحتاج إلى القول بأن إحداهما زائدة، فالكاف للتشبيه، وإن كان المثل بمعنى الشبيه - لا سيما على قول من يقول: إنه دائماً يأتي بهذا المعنى - يقول: فالكاف زائدة، مثلهم مثل الذي استوقد ناراً، ولا يعني قولهم: زائدة، أنها حشو في الكلام، وإنما زائدة إعراباً، فزيادة المبنى لزيادة المعنى، يعني: هنا الكاف تدل على تقوية المعنى في هذا التشبيه، مع أن هذا إنما يكون حينما تُشق الشعرة، والشعيرة، فتولّد هذه الإشكالات، وإلا فالأصل أن المعنى واضحاً لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] فبعضهم يقول: المثل هو الزائد، وبعضهم يقول: الكاف هي الزائدة، فلا يُحتاج إلى هذا، يعني: هم يستشكلون فيقولون: الله ليس له مثل، فكيف نفى المثل عن مثله؟ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] وهل نفي المثل عن مثله يكون مدحاً له؟ لاحظ هنا شق الشعرة، والشعيرة يُولد الإشكالات، وأنت تسمع هذه الآية دائماً، وليس عندك فيها إشكال، لكن حينما يؤتى إليها بهذا التشقيق، ويقال: الله ليس له مثل، فكيف نفى المثل عن مثله؟ وإذا نفى المثل عن مثله هل يكون تنزيهاً له، أو لا؟ بينما في كلام العرب:

ليس كمثل الفتى زُهير خلقٌ يوازيه في الفضائل[4]

فالعرب تقول مثل هذا، مثلك لا يفعل كذا، ويقصدون: أنت لا تفعل كذا.

"استوقد، أي: أوقد، وقيل: طلب الوقود، على الأصل في استفعل".

يقولون: إن الألف، والسين، والتاء تدل على الطلب، استوقد، فالحروف الثلاثة الأولى.

يقول: "استوقد أي أوقد، وقيل: طلب الوقود على الأصل في استفعل" يعني: كأن هذه النار مُستعارة، استوقد ناراً، فتدل على الطلب، فهي مُستعارة من غيره، فدعوى الإيمان لا حقيقة لها، وإنما كأنه ثوب مُستعار؛ ولذلك كانت خارجة عنهم فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] ما أضاءت نفوسهم، ما أضاءت بداخلهم، وإنما أضاءت ما حوله ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17].

"فَلَمَّا أَضَاءَتْ [البقرة:17] إن تعدى فـمَا حَوْلَهُ مفعول به".

 

إن تعدى، يعني (أضاءت) أضاء هذا الفعل، فقوله: مَا حَوْلَهُ مفعول به، يعني (ما) مفعول به، وهي موصولة فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] يعني: أضاءت الذي حوله، وحوله ظرف مكان، وهو مخفوض به، وصلة لـ(ما)، فـ(ما) هي مفعول به، تقول: أضاءت الدار، فالدار مفعول به، أضاءت الغُرفة، الغُرفة مفعول به، أضاءت (ما)، فهنا أيضاً مفعول به، وحول هذه ظرف مكان.

يقول: فَلَمَّا أَضَاءَتْ [البقرة:17] إن تعدى - يعني فعل أضاء -؛ لأنه قد يكون لازماً، أضاء المصباح، أضاء القلب، ونحو ذلك، بالمعنى اللازم، أضاء في نفسه، لكن إذا قلت: أضاء الغُرفة، وأضاء المكان، فيصير أضاء مُتعدي.

فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] إن تعدى - يعني فعل أضاء - فقوله: (ما) مفعول به، و(حوله) ظرف مكان، وإن لم يتعدّ - يعني كان لازماً - فـ(ما) زائدة، أو ظرفية، يعني: يصير المعنى عنده على هذا القول: فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] أضاءت حوله، فتكون (ما) هذه زائدة، وهذا إذا كان الفعل لازماً، والفاعل ضمير النار أيضاً، إذا كان لازماً، فلما أضاء ما حوله، أضاءت هي، فالفاعل ضمير النار مُستتر، وتكون (ما) زائدة، و(حوله) يكون منصوب على الظرف، والعامل فيه أضاء.

مع أنه يجوز غير هذا، فيجوز أن تكون (ما) منصوبة على الظرف، وهي بذلك: إما بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، والتقدير: فلما أضاءت النار المكان الذي حوله، أو مكاناً حوله.

ومعنى: فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] أي: أبصر بها ما ينفعه، ويضره، يعني: هؤلاء أبصروا الحق، أو أنهم انتفعوا بها انتفاعاً مؤقتاً، حقن دمه، وأحرز ماله، فمثل هؤلاء مثل ذاك الذي استوقد - السين، والتاء للطلب - استعار ناراً من غيره، فانتفع بها انتفاعاً مؤقتاً، فأبصر الأشياء التي حوله، واستأنس بهذه النار، وانتفع بهذه الإضاءة مع ما فيها من الحرارة؛ لأن الضياء يكون بهما، يعني: إضاءة زائد حرارة هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا [يونس:5] فالقمر ليس فيه حرارة، فسمى هذا النور الذي يصدر عنه نوراً، والشمس ضياء؛ لأن فيها حرارة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: الصبر ضياء[5] لما فيه من الحرارة، وقال: الصلاة نور[6] فالصلاة ليس فيها حرارة، وكان النبي ﷺ إذا وقعت الحرارة - يعني بالمُصيبة - يُطفأ حر المُصيبة، أو يُبرده بالصلاة أرحنا بها[7] فالصلاة نور، والصبر ضياء، وما يصدر عن الشمس يقال له: ضياء، وما يصدر عن القمر يقال له: نور فَلَمَّا أَضَاءَتْ [البقرة:17] فهنا استعمال الإضاءة، فالنار ما يصدر عنها فيه النور، والإحراق، فذلك يقال: ضوء النار.

ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] ذهب الله به، يعني أذهبه، فبقيت الحرارة، ما قال: ذهب الله بنارهم، وإنما قال: بنورهم، فذهب الضوء، وبقي الحرارة، والإحراق، فهذا الذي تمتعوا به تمتعاً مؤقتاً ذهب، وانقشع، وتلاشى، لكن بقي حر هذه النار، وإحراقها، وهكذا كل من تمتع باللذات المحرمة، ونحو ذلك، أو انتفع بشيء من الأموال المحرمة، فهو يستمتع بها حيناً، ثم بعد ذلك يذهب هذا الاستمتاع، ويبقى الإحراق، فالمعصية، النظر إلى الحرام، يستمتع به لحظات، ثم يبقى بعده نار تحرقه في جوفه، في قلبه، في تعاسة تعقب هذه المعصية، وظُلمة في الوجه، ووحشة في الصدر.

"فلما أضاءت، إن تعدى فـمَا حَوْلَهُ مفعول به، وإن لم يتعدّ فـ(ما) زائدة، أو ظرفية ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة: 17] أي: أذهبه، وهذه الجملة جواب لمحذوف".

وهنا - أحسن الله إليكم - يوجد سقط تقريباً سطرين من النُسخ الخطية، وهو:

[جواب (لما) فالضمير في بِنُورِهِمْ عائد على (الذي)، وهو على هذا بمعنى الذين، وحذف النون منه لغة، وقيل: جواب ـ(لما) محذوف].

لا بأس بهذه الزيادة، ويصح الكلام بدونها، يعني: الكلام مُستقيم بهذا الحال الذي أمامكم، وهذه الجملة: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة: 17] جواب لمحذوف، تقديره: انطفأت النار فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17].

أعد الكلام الساقط.

"جواب (لما) فالضمير في بِنُورِهِمْ عائد على (الذي)، وهو على هذا بمعنى (الذين)، وحذف النون منه لغة، وقيل: جواب (لما) محذوف".

فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] يعني: انطفأت النار، فيمكن أن تكون هذه الجملة ذَهَبَ اللَّهُ بِنورهِمْ [البقرة:17] هي الجواب، ويمكن أن يكون الجواب مقدراً: فلما أضاءت ما حوله انطفأت النار، يعني: أنه مقُدر محذوف، وهذا بالنظر إلى الحال المُشبه بها، يعني: شبه حال هؤلاء المنافقين في دعوى الإيمان بحال من استوقد ناراً، فالذي استوقد ناراً مُشبه به، في هذا المثل، فتصور إنسان في برية، واستوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله انطفأت النار، وبقي في ظُلمات، ظلمة الليل، وظُلمة الظُلمة الحاصلة بعد ذهاب النور، فهي أغلظ، وأشد، يعني: لما تكون في نور، وينطفأ غير لما تكون في مكان أصلاً ليس فيه نور، فإذا نظرت إلى المُشبه، وهو حال المنافقين في ضلالهم، واستعاضتهم عن الإيمان، كمثل الذي استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله انتفع بها انتفاعاً مؤقتاً، وحقن دمه... إلى آخره، وهنا ما تقول: انطفأت النار، ذهب الله بنورهم، وهو هذا الانتفاع المؤقت، فحصل لهم بعد ذلك الخيبة، وكانت نهايتهم الدرك الأسفل من النار، فسُلبوا هذا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا [الحديد:13] فإذا نظرت إلى المُشبه الذي هو المُنافق، قلت: فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم، فيكون جواب (لما): ذهب الله بنورهم، وإذا نظرت إلى المُشبه به، وهو إنسان جالس في مكان في صحراء، واستوقد ناراً فأنس بهذه النار، وأضاءت ما حوله، ورأى هذه الأشياء حوله، وذهب عنه المخاوف، واستدفأ بها، وصنع عليها طعاما، ونحو ذلك، ثم انطفأت هذه النار، فبقي في ظُلمات، فهذا التقدير في الأمثال المضروبة تارة يُنظر فيه إلى المُشبه، فيختلف التقدير، وتارة يُنظر فيه إلى المُشبه به، فهنا المُشبه المُنافق، ذهب الله بنورهم، والمُشبه به إنسان موقد نار في مكان، في صحراء، فأنس بها، فانطفأت هذه النار، فما تكون حاله؟ في حسرة، وظلام دامس.

فهذه الجُملة الساقطة نريد أن نكتبها في موضعها، أنا قلت: إن الكلام يصح بدونها، لكن الذي يظهر أن هذا ليس كذلك.

على كل حال رأيتم التقديرين، الآن إما أن يكون قوله: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] هو جواب (لما) فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ فماذا حصل؟ الجواب: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] تقول: لما جاء زيد أكرمته، فالجواب: أكرمته، فهنا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ فهذا هو الجواب، أو يكون الجواب مُقدراً، فلما أضاءت ما حوله انطفأت النار، وكما قلت: بأن هذا إن نُظر فيه إلى المُشبه، وهو المنافق، فالمُناسب أن يكون الجواب: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ، وإن نُظر إلى المُشبه به، وهو ذاك الذي استوقد النار، فانطفأت عليه النار.

لكن القاعدة: أن الأصل عم التقدير، وإذا دار الكلام بين الإضمار، والاستقلال، فالأصل الاستقلال، فلا حاجة إلى القول بالتقدير، فيكون الجواب ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ أي: أذهبه، وجمع هنا (بنورهم) يقول: "عائد على الذي" في الزيادة التي أضفناها، ولا حاجة أن يقال: بمعنى (الذين) حذف النون منه لغة؛ لأن (الذي) اسم موصول، وهو من صيغ العموم، وجاء به بلفظه مُفرداً، ومعناه العموم؛، ولهذا جاء بالجمع في قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] لأن (الذي) بمعنى (الذين) وهي من صيغ العموم، فراعى المعنى، فقال: بِنُورِهِمْ فجمع ذلك.

"تقديره: طُفأت النار". 

على أساس أن الجواب مُقدر محذوف: طُفأت النار، لكن هذا خلاف الأصل، فيكون على هذا التقدير: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ [البقرة:17] يعني: انتهى الكلام فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] طُفأت النار، ثم يأتي كلام مُستأنف جديد ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ [البقرة:17] إما أنه على سبيل الإخبار، أو أنه مُضمن معنى الدعاء عليهم، لكن هذا بعيد، وهو خلاف ظاهر السياق.

ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] جُملة مُستأنفة، والضمير عائد على المنافقين، فعلى هذا يكون (الذي) على بابه من الإفراد".

يعني في قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [البقرة:17] يتحدث عن واحدـ استوقد نار فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] طُفأت النار، انتهى الكلام، ثم بعد ذلك يأتي كلام جديد مُستأنف، وهو: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ [البقرة:17] يتحدث فيه عن المنافقين، وليس الذي استوقد، لكن هذا بعيد.

يقول: "فعلى هذا يكون (الذي) على بابه من الإفراد" مثلهم كمثل (الذي) وليس بمعنى (الذين) قال: معنى الذين؛ لأنه قال بعده: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] باعتبار أنه يرتبط بما قبله، فأعاد الضمير جمعاً بِنُورِهِمْ مع أنه ذُكر مفرد قبله في اللفظ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ هو نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ولم يقل: ما حولهم ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] ولم يقل: بنوره، باعتبار أن (الذي) بمعنى (الذين)، لكن إذا قلت: إن الجواب لـ(لما) مُقدراً، فيكون: طُفأت النار، ثم يبدأ كلام جديد ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] الإخبار عن المنافقين، أو الدعاء عليهم، لكن هذا بعيد، هذا معنى كلامه، قال: "والأرجح أنه أُعيد ضمير الجماعة؛ لأنه لما يُقصد بالذي واحد بعينه، إنما المقصود التشبيه بمن استوقد ناراً، سواء كان واحداً أو جماعة، ثم أُعيد الضمير بالجمع ليُطابق المُشبه؛ لأنهم جماعة" هو يرُجح أن قوله: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] يتعلق بما يقبله، فيرد عليه السؤال: لماذا جمع الضمير بِنُورِهِمْ، وقد ذكر مفرداً قبل ذلك في قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ فالذي في لفظه مفرد فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ كذلك مفرد، فلماذا قال: بِنُورِهِمْ، ولم يقل: ذهب الله بنوره؟ فأعاد عليه ضمير المفرد، والواقع أنه أعاد عليه ضمير الجمع؟ فالجواب: يقول: "أُعيد ضمير الجماعة؛ لأنه لم يُقصد بالذي واحد بعينه، وإنما المقصود التشبيه بمن استوقد ناراً، سواء كان واحداً، أو جماعة" فهذا يصدق على الواحد، والكثير، ويكفي بأن نقول: إن (الذي) من صيغ العموم، فهو جواب قريب، وواضح "ليُطابق المُشبه لأنهم جماعة" والمُشبه من هم؟ المنافقين، فهم كالذي استوقد، يعني كل من يصدق عليه هذا، فلا يقصد واحداً بعينه.

"والأرجح أنه إنما أُعيد [في نُسخة خطية: إنما أُعيد عليه] عليه ضمير الجماعة؛ لأنه لم يُقصد بـ(الذي) واحد بعينه، إنما المقصود التشبيه بمن استوقد ناراً، سواء كان واحداً، أو جماعة، ثم أُعيد الضمير بالجمع ليُطابق المُشبه؛ لأنهم جماعة".

عدلوا هذه العبارة فتكون بهذا اللفظ:

"والأول أرجح، والأرجح أنه إنما أُعيد عليه ضمير الجماعة".

"فإن قيل: ما وجد تشبيه المنافقين بصاحب النار التي أضاءت ثم أظلمت؟".

هذه الأشياء التي يوردها هنا هي تُذكر عادة في الأمثال، وشرح الأمثال، يعني: الجوانب البلاغية في المثل، فهذه الأمثال قال الله فيها: وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43] وشرح الأمثال يكون على طريقتين:

الطريقة الأول: هو باعتبار أنها مُركبة، والتركيب بمعنى العام الإجمالي، يعني: فلا تقف مع كل جملة، فهذا تفسير لها باعتبار التركيب، معنى المثل إجمالاً، فالله - تبارك، وتعالى - يذكر حال هؤلاء المنافقين بمن استوقد ناراً، فانتفع بها انتفاعاً مؤقتاً، ثم بعد ذلك انطفأت هذه النار، وبقي في الظلام، فهذا المعنى العام.

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [البقرة:17] استوقد ناراً، فهذه توازي دعوى الإيمان - يعني كل جُملة نجعلها في شيء آخر يعني في حال الموصوف أو الممُثل المضروب له المثل - استوقد ناراً، فهذه دعوى الإيمان بالنسبة للمنافقين، كهذا الذي استوقد ناراً، فأضاءت فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17] بالنسبة للمنافق أنه أبصر الحق مثلاً، على قول بعضهم، أو أضاءت ما حوله: أنه حصل له شيء من الانتفاع، وحقنت دمه، وأحرزت ماله، وكذلك نال بها من الغنيمة، والفيء، وحصل له أمان في ظل المسلمين، لكن هذا الانتفاع الذي حصل له ينتهي، وينتفي في الآخرة، فهو بمنزلة هذا الذي انطفأت ناره، فبقيت في الظُلمات.

والظُلمات بالنسبة لهذا المضروب له المثل الذي هو المنافق، هي ظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة الطبع، وظلمة المعصية، وظلمة القلب، فبقي في ظلمات، بالإضافة إلى ما يعرض له من الشبهات المُحيرة، فهو في ظلمات.

وذاك الذي استوقد ناراً: بقي في ظلمات، ظلمة الليل، والظُلمة الحاصلة بعد انطفاء النور، فهي حالكة شديدة تكون في مكان فيه نور، فإذا أُطفأ النور فلا ترى شيئاً، وتحتاج إلى وقت، حتى تُبصر الأشياء حولك؛ ولذلك قال النبي ﷺ: لا ترسلوا فواشيكم، وصبيانكم إذا غابت الشمس، حتى تذهب فحمة العشاء، فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس، حتى تذهب فحمة العشاء  [8] والمقصود بفحمة العشاء: شدة الظلام هذا الذي يعقب النهار في أول الليل، فحينما تنقضي هذه المُدة، أو هذا الوقت يبدأ الليل، يعني يُميز فيه الإنسان، أو الناظر فيه، أو السائر فيه ما حوله، لكن الظلمة التي تكون بعد الضوء تكون أشد.

الأمثال تُفسر بهاتين الطريقتين، الطريقة الإجمالية، وهذه أسهل من جهة الفهم، وأسهل أيضاً لأنه لا يوجد فيها إشكالات في الأصل.

لكن النوع الثاني:، وهو تفسير الأمثال بأن تفرق كل جملة، وتُبين محملها، فيمن ضُرب له المثل، ففي هذه الحال تقع إشكالات، هل هذا يُراد به كذا، أو لا يُراد به كذا؟ وما المقصود به؟ فمثلاً في قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ [النور:35] فلو تريد أن تجعل كل جملة من هذه الجُمل مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ [النور:35] المشكاة ما هي؟ هل هي الصدر؟ هل هو القلب؟ المشكاة فيها مصباح، ما هذا المصباح؟ هل هو نور الإيمان في القلب؟ المصباح في زجاجة، الزجاجة مذا تمثل؟ إذا كانت المشكاة هي الصدر طيب، والزجاجة؟ أو يُقال: المشكاة هي الحديدة التي فيها الفتيلة، المصباح نور الإيمان، طيب، والمشكاة هي القلب؟! المصباح في زجاجة، الزجاجة هي الصدر؟  فلا بد أن تجعل كل جزء في المثل يُقابل شيئاً، فتشبيه نور الإيمان في قلب المؤمن بمشكاة كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ [النور:35] السراج، فهل المشكاة هي الكوة التي في الجدار، وتكون مثل النافذة، لكنها لا تنفذ إلى الخارج، فيصل الضوء من خمس جهات، يجتمع، وينحبس، ويكون أقوى؟ فهل هذه هي المشكاة؟ أو المشكاة هي الحديدة التي فيها الفتيلة؟ فإذا قلنا: المشكاة هي الكوة التي في النافذة فيها مصباح يعني سراج، وإذا قلنا: هذه المشكاة هي الحديدة، وفيها مصباح هي الفتيلة، أي أنها تتوهج، والمصباح في زجاجة، وهذا يقوي قول ابن جرير[9] بأن المشكاة هي الحديدة، وليست الكوة؛ لأنه قال: الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ [النور:35] التي في السراج، فحينما نُريد أن ننزل هذا على الإيمان، ونوره في القلب، فما هو المصباح؟ وما هي المشكاة؟ يعني ترمز إلى ماذا؟ الصدر، أو القلب؟ فتقع هنا إشكالات، وخلاف بين أهل العلم كثير في هذا، فهذا تفريق المثل، يعني: تفسيره مفرقاً، وبعض الأمثال كما يقول بعض العلماء: إنها أصلاً لا تتأتى إلا بالتركيب، يعني المعنى العام، ما يتأتى فيها بالتفريق، وليس ذلك محل اتفاق أيضاً؛ لأنه يوجد من يُخالفهم، فحينما يذكر ابن جُزي مثل هذه الأشياء، فهذه لا بد لطالب العلم أن يُدركها؛ لأنه سيجد في تفسير الأمثال في كتب التفسير مثل هذه الأشياء، ولا بد أن يعرف المراد منها.

"فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أن منفعتهم في الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور، وعذابهم في الآخرة شبيه بالظلمة بعده.

والثاني: أن استخفاء كفرهم كالنور، وفضيحتهم بعده كالظلمة.

والثالث: أن ذلك فيمن آمن منهم، ثم كفر، فإيمانه نور، وكفره بعده ظلمة، ويُرجح هذا قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا [المنافقون:3]".

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا [المنافقون:3] فهذا في فئة من المنافقين، وليس في كل المنافقين، ولم يُذكر هذا في هذه الآية، فيبقى أن وجه التشبيه كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [البقرة:17] أنهم انتفعوا انتفاعاً مؤقتاً بدعوى الإيمان، ثم بعد ذلك صاروا في الآخرة إلى ما قد علمتم، فهذا وجه تشبيه هؤلاء بالذي استوقد ناراً.

وأما على القول بأنهم آمنوا، ثم كفروا، كما يقوله بعض أهل العلم، كما ذكرنا سابقاً، فباعتبار أن الإيمان كان بمنزلة هذه النار التي أضاءت، أو باعتبار أن هؤلاء أبصروا من الحقائق شيئاً، ثم بعد ذلك ارتكسوا، وانتكسوا، فكانوا كالذي استوقد ناراً، ثم انطفأت عليه، وبقيت بعده حرارة الكفر، والشكوك في قلوبهم.

"فإن قيل: لم قال: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] ولم يقل: ذهب الله بضوئهم مشاكلة لقوله: فَلَمَّا أَضَاءَتْ [البقرة:17]؟

فالجواب: أن إذهاب النور أبلغ؛ لأنه إذهاب للقليل، والكثير، بخلاف الضوء، فإنما يُطلق على الكثير".

هذا وجه في الجواب، والجواب الآخر لعله أحسن منه، وهو: أنه ذهب النور، وبقيت الحرارة، والإحراق، كما قلنا: إن الضوء غير النور، الضوء معه حرارة، فذهب النور، وبقيت الحرارة، والإحراق.

وهنا لم يذكر قوله: وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ [البقرة:17] وهذه الظلمات هي - كما قلنا -: ظلمة الكفر، والشك، والشرك، والحيرة، والشُبه، وظلمة القلب، وظلمة الطبع، وظلمة النفس، وظلمة المعاصي، بقوا فيها متحيرين.

  1.  الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (3/444).
  2.  الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (3/444).
  3.  تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1/72).
  4.  البيت في البحر المحيط في التفسير (9/326)، والدر المصون في علوم الكتاب المكنون (9/ 545)، واللباب في علوم الكتاب (17/174) لأوس بن حجر.
  5.  أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء برقم: (223).
  6.  أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء برقم: (223).
  7.  أخرجه أبي داود في كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة برقم: (4985)، وصححه الألباني.
  8.  أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وإغلاق الأبواب، وذكر اسم الله عليها، وإطفاء السراج، والنار عند النوم، وكف الصبيان، والمواشي بعد المغرب برقم: (2013).
  9.  تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (17/301).