الجمعة 23 / ربيع الأوّل / 1446 - 27 / سبتمبر 2024
فَإِنِ ٱنتَهَوْا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

وقوله: فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة البقرة:192] أي فإن تركوا القتال في الحرم، وأنابوا إلى الإسلام، والتوبة فإن الله يغفر ذنوبهم، ولو كانوا قد قتلوا المسلمين في حرم الله فإنه تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب منه إليه."
لَوْ تَزَيَّلُوا [سورة الفتح:25] يعني لو تميز المسلمون من الكفار في مكة لسلط الله على أهل مكة أصحاب الحديبية فهم جيش متكامل لكن لما كان يوجد في أهل مكة مسلمون حبس الله نبيه ﷺ عد دخول مكة؛ لئلا يحصل ضرر على هؤلاء المسلمين المستضعفين بين أهل مكة، فقد يحصل فيهم جراح، أو قتل فأين هذا من فعل بعض الجهلة الذين يقتلون من لم يخوَّلوا بقتلهم أصلاً، وفيهم من فيهم من المسلمين؟! فالله حبس رسوله ﷺ، ومن معه، وهم خيار أهل الأرض من أجل عدد قليل في مكة كانوا على الإسلام مع أن أهل مكة كانوا محاربين، فأين هذا من قول من يقول: إن هؤلاء يقتلون تبعاً؟!.

مرات الإستماع: 0

"فَإِنِ انْتَهَوْا أي: عن الكفر، فأسلموا، بدليل قوله: غَفُورٌ رَحِيمٌ وإنما يغفر للكافر إذا أسلم".

ويحتمل هذا الموضع أيضاً: فإن انتهوا عن قتالكم، فكفوا عنهم، لكن هذا غير مترجح؛ لأن الله عقّب ذلك بقوله: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فمعنى ذلك أن الانتهاء يكون إلى الدخول في الإسلام، فإن انتهوا أي عن الكفر، فإن الله غفور رحيم، لكن لو انتهوا عن القتال مع كفرهم فهنا لا يتفق مع قوله: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فرجح هذا الاحتمال، ولم يذكر الآخر، وهو: إن انتهوا عن القتال، فهذه قرينة في الآية ترجح أحد المعنيين؛ لأنه أحيانًا الآية تحتمل معنين، ويكون فيها قرينة ترجح أحد الاحتمالين كما ذكر العلماء في وجوه الترجيح، ومنهم: الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - في مقدمته لأضواء البيان، وفي مواضع في ثنايا الكتاب، ذكر أن الآية قد تحتمل معنيين، ويكون في الآية قرينة ترجح أحد هذين المعنيين[1] فهذه قرينة هنا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يدل على أن ذلك يكون بالإيمان، وترك الكفر، والمعنى: انتهوا عن الكفر. 

  1. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (8/ 376).

مرات الإستماع: 0

ثم قال الله -تبارك وتعالى: فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:192] يعني إن تركوا ما هم فيه من الكفر ومن قتالكم عند المسجد الحرام دخلوا في الإيمان فإن الله غفور لعباده رحيم بهم، فهذا فيه ما فيه من الإيجاز والاختصار.

قال: فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:192] الله غفور رحيم له ذلك الوصف الثابت عظيم المغفرة عظيم الرحمة، ولا يتقيد ذلك بانتهائهم فالله موصوف بأنه غفور رحيم انتهى هؤلاء أو لم ينتهوا، ولكنه ذكر هذا باعتبار أن هذه المغفرة والرحمة تحصل لهم إذا حصل لهم الانتهاء عن ذلك.