يعني: بَلَى أي ليس الأمر كما تمنيتم، ولا كما تشتهون، بل الأمر أنه مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وكما ذكرنا في القاعدة سابقًا أن القرآن حينما يورد مقالة فإما أن يذكر قبلها، أو معها، أو بعدها ما يدل على بطلانها، أو يسكت عنها، فإن سكت عنها فهذا يدل غالبًا على أنها صحيحة، وذكرنا لهذا أمثلة. بَلَى تحقيق لطول مكثهم في النار بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ فذكر الصحبة هنا للنار يدل على الملازمة، والخلود الأبدي السرمدي، أو لقولهم ما لا يعلمون. قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ يعني تقولون على الله ما لا تعلمون.
يقول: الآية في الكفار. يعني لئلا يُتوهم أن فعل المعاصي، والسيئات يكون سببًا في الخلود في النار كما يقوله الوعيدية من الخوارج، والمعتزلة، فإنهم يحكمون بالخلود عليه في النار هذا من جهة الحكم، أما من جهة الاسم فيختلفون فيه: فالخوارج يقولون: كافر. والمعتزلة يقولون: في منزلة بين المنزلتين. لكن في المآل يقولون: هو مخلد في النار. هذه التي يسمونها مسائل الأسماء، والأحكام، ماذا يسمى؟ هذه الأسماء، وما مصيره، وما حكمه؟ الخلود في النار، هذا من جهة الحكم.
يقول: من مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً الآية في الكفار؛ لأنها رد على اليهود. السيئة هنا المقصود بها الشرك، وهذا الذي قال به السلف : كابن عباس، وأبي وائل، ومجاهد، وقتادة، وعطاء، والربيع[1]؛ لأنه لا يحيط بالإنسان من الذنوب وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ إلا الشرك.
لأنه قابل بين هؤلاء، وبين أهل الإيمان فدل على أن من كسب سيئة، وأحاطت به خطيئته هو الكافر، ثم ذكر بعده ما يقابله: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.