قال الله تعالى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ أي: في حال تناجيهم بينهم، إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً أي: العاقل الكامل فيهم إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا أي: لقصر مدة الدنيا في أنفسهم يوم المعاد؛ لأن الدنيا كلها - وإن تكررت أوقاتها وتعاقبت لياليها وأيامها وساعاتها - كأنها يوم واحد، ولهذا يستقصر الكافرون مدة الحياة الدنيا يوم القيامة، وكان غرضهم في ذلك درء قيام الحجة عليهم لقصر المدة، ولهذا قال تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ إلى قوله: وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [سورة الروم:55-56]، وقال تعالى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ [سورة فاطر:37] الآية، وقال تعالى: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [سورة المؤمنون:112-114] أي: إنما كان لبثكم فيها قليلاً، لو كنتم تعلمون لآثرتم الباقي على الفاني، ولكن تصرفتم فأسأتم التصرف، قدمتم الحاضر الفاني على الدائم الباقي.