الأحد 05 / ربيع الآخر / 1447 - 28 / سبتمبر 2025
فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِىَ يَٰمُوسَىٰٓ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى ۝ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ۝ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ۝ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ۝ إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ۝ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى [سورة طه:11-16].

يقول تعالى: فَلَمّا أَتَاهَا أي النار، واقترب منها نُودِيَ يَا مُوسَىَ وفي الآية الأخرى نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ [سورة القصص:30] وقال هاهنا: إِنّيَ أَنَاْ رَبّكَ، أي: الذي يكلمك ويخاطبك، فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ قال علي بن أبي طالب وأبو ذر وأبو أيوب وغير واحد من السلف: كانتا من جلد حمار غير ذكي، وقيل: إنما أمره بخلع نعليه؛ تعظيما للبقعة.

مثل هذا - وإن قال به بعض السلف - أنها من جلد حمار غير ذكي: مما تُلُقي عن بني إسرائيل، بل إن بعضهم يقول: إنها كانت من جلود البقر، ومثل هذا لا يُعَوَّل عليه، ولهذا قال بعض أهل العلم: إنه أُمر بخلع نعليه؛ تعظيماً للبقعة، وبعضهم يقول: إن ذلك أبلغ في التواضع، وبعضهم يقول - وهو اختيار ابن جرير - رحمه الله -: من أجل أن يباشر بقدميه ذلك المحل المبارك، والأرض المباركة، ولهذا قال: إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى فإن هذه تدل على التعليل، لكن تعليل ماذا؟ يمكن أن يكون تعظيماً للبقعة، ويمكن من أجل أنه مبارك، ويمكن أن يكون للتواضع، ويمكن أن يكون غير هذا.

وقوله: طُوىً قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو اسمٌ للوادي، وكذا قال غير واحد.

وهذا هو الظاهر، أن طوى: هو اسم الوادي، وهو اختيار ابن جرير، وعلى هذا يكون طُوىً من قبيل عطف البيان.

فعلى هذا يكون عطف بيان، وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه.

إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى، يعني: كأنه يأمره بأن يطأ عليه بقدمه، حتى في قوله: طه بعضهم يفسره بالوطء على القدمين، الذين يقولون: إنه ليس من الحروف المقطعة بعضهم يفسره بهذا، يقول: كان يطول القيام ويقف على صدور قدميه، وبعضهم يقول: كان يرفع رجلاً ليراوح بين القدمين، وقال: لفظ طه يعني: طَأْ بقدمك، هكذا قالوا، لكن كل هذا يحتاج إلى دليل.

وقيل: لأنه قُدس مرتين، وطوي له البركة وكررت.

 

أي: من الطي، طُوي له البركة وكررت، طُوى لكن يتبادر - والله أعلم - ما سبق من أن طوى هو اسم الوادي.

والأول أصح كقوله: إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى [سورة النازعات:16]، وقوله: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ كقوله: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي [سورة الأعراف:144]، أي: على جميع الناس من الموجودين في زمانه.

باعتبار أن النبي ﷺ أفضل بلا شك، وإبراهيم أفضل من موسى - عليهم صلوات الله وسلامه.

وقد قيل: إن الله تعالى قال: يا موسى أتدري لم خصصتك بالتكليم من بين الناس؟ قال: لا. قال: لأني لم يتواضع إليّ أحد تواضعَك.