ضحا فلان فهو ضاحٍ إذا خرج وبرز من حر الشمس، لا يكنّه منها شيء، ولهذا يخرج الحجاج يأتون شعثاً غبراً ضاحين، يعني: للشمس، لا يكنهم منها شيء، فهنا: إِنّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىَ وَأَنّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىَ، الجوع والعري بينهما ارتباط، فالجوع ذل الباطن، والعري ذل الظاهر، وَأَنّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىَ فالظمأ يعني حرارة العطش، وَلاَ تَضْحَىَ التعرض لحر الشمس، الخروج إليها، هذا حرارة الظاهر، فجمع بين هذا وهذا، وقوله - تبارك وتعالى -: وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا [سورة الإنسان:12]، فالجنة فيها معنى السعة وفيها معنى البرودة، والحرير فيه معنى الليونة والنعومة، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا فلما كان الصبر فيه من الحرارة، وفيه خشونة وفيه ضيق وحبس للنفس.
والصبرُ مثل اسمه مُرٌّ مذاقه | لكن عواقبه أحلى من العسل |
قابل ذلك بهذه الأمور وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا السعة مكان الضيق، والبرودة مكان حرارة الصبر، وليونة الحرير مكان خشونة الصبر، وهذا المعنى ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله.