الخميس 22 / ذو الحجة / 1446 - 19 / يونيو 2025
وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال تعالى: وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مّسَمّى، أي: لولا الكلمة السابقة من الله وهو أنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، والأجل المسمى الذي ضربه الله تعالى لهؤلاء المكذبين إلى مدة معينة لجاءهم العذاب بغتة.

يقول ابن كثير - رحمه الله - في قوله: وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مّسَمّى: "لولا الكلمة السابقة من الله وهو أنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه"، يعني: لكان العذاب لازماً، يقول: "والأجل المسمى الذي ضربه الله تعالى لهؤلاء المكذبين إلى مدة معينة"، فابن كثير - رحمه الله - جمع بين المعنيين، ومن أهل العلم من يقول: إن "الكلمة" في قوله: وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ، هي تأخير العذاب عنهم، أي: أن الله قضى وقدر أن لا يعاجلهم بالعقوبة كما فعل بالأمم والأقوام الذين قبلهم قوم نوح وعاد وثمود، وأصحاب الأيكة، وقوم لوط، فإن الله - تبارك وتعالى - قضى أن لا يعاجل هؤلاء بالعقوبة وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ، في قضائه الذي قضاه أن يؤجل هؤلاء، والحافظ ابن كثير - رحمه الله - يقول: "لولا الكلمة السابقة من الله وهو أنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة"، وابن جرير - رحمه الله - يفسر الكلمة التي سبقت من الله بأنها كل من قضى الله له أجلاً فإنه لا يخترمه قبل بلوغ أجله، وهذا القول لا ينافي قول من قال بأن الله - تبارك وتعالى - لا يعذبهم، قضى وقدر أنه لا يعاجلهم بالعقوبة، فالمقصود وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ، أي: أنه ما حان هلاكهم فهم ينتظرون حتى يأتي قضاء الله الذي قضاه بإهلاكهم وأخذهم، وإن لم يكن هذا الإهلاك عاماً، فالمقصود أن تكذيبهم هو مقتضٍ لتعذيبهم وأخذهم، ولكن الله - تبارك وتعالى - جعل لهم أجلاً ولا يأخذ أحداً قبل حلول أجله، فكان هذا سبباً للإمهال فلم يعاجلهم بالعقوبة، وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا، أي: لكان العذاب والأخذ والإهلاك لزاماً؛ لأنهم جاءوا بما يقتضيه، قد صدر منهم ما يتسبب عنه العذاب، فصار المانع من العذاب أمرين: ما سبق في الكلمة أنه لا يَهلك أحدٌ قبل الأجل الذي حدده الله له، أو على قول ابن كثير - رحمه الله -: "إنه لا يعذب أحداً قبل قيام الحجة عليه"، فبعث إليهم رسوله ﷺ؛ ليقيم الحجة، وهكذا الأجل المسمى الذي أجله الله، فلا يؤخذون قبل بلوغهم إياه، والله أعلم.