وقوله : قَالاَ رَبّنَا إِنّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىَ قَالَ لاَ تَخَافَا إِنّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىَ فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنّا رَسُولاَ رَبّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مّن رّبّكَ وَالسّلاَمُ عَلَىَ مَنِ اتّبَعَ الْهُدَىَ إِنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنّ الْعَذَابَ عَلَىَ مَن كَذّبَ وَتَوَلّىَ [سورة طه: 45-48]، يقول تعالى إخباراً عن موسى وهارون - عليهما السلام -، أنهما قالاً مستجيرين بالله تعالى شاكيين إليه: إِنّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىَ يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة أو يعتدي عليهما فيعاقبهما وهما لا يستحقان منه ذلك، وقال الضحاك عن ابن عباس - ا - أو أن يطغى: يعتدي.
الطغيان هو مجاوزة الحد، كما قال الله - تبارك وتعالى -: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى جاوز حده، وقوله - تبارك وتعالى - عن قول موسى مع هارون: إِنّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىَ قال: "يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة، أو يعتدي عليهما فيعاقبهما وهما لا يستحقان"، وقوله: إِنّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا يفرط علينا فسره ابن كثير - رحمه الله - بهذا، وبعضهم فسر يفرط بمعنى يعجّل علينا بالعقوبة، وهذا اختيار ابن جرير - رحمه الله -، يَفْرُطَ يعني: أن يعجل علينا بعقوبة، وهناك قراءة غير متواترة لابن عباس ومجاهد وعكرمة: يُفْرِطَ يعني يشتطّ، يُفْرِطَ عَلَيْنَا بمعنى: يشتط في العقوبة.