قيل: يحتمل أن يكون خاف على الناس أن يفتنوا بسحرهم، وقيل: يحتمل أنه خاف أن يلتبس على الناس باعتبار أنهم جاوءا بعصيّ، وآيته كانت العصا، وهذا أبعد، ويمكن أنه لما رأى هذا المشهد من تحول الوادي إلى حيات يركب بعضها بعضاً، وهي كثيرة جداً، وعددها هائل، ولهذا قال الله : سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ، والرهبة: الخوف الشديد، فقد يكون موسى حصل له الخوف لما رآها فثبته الله ، فموسى حينما رأى العصا تنقلب إلى حية في البداية خاف، وقال الله : وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ [سورة القصص:31]، حتى قال الله له: أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ وقال له: إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ فكان هذا تطميناً له، وكان مشاهدة هذه قبل أن يذهب إلى فرعون أشبه ما يكون بالترويض والتطبيق العملي قبل المواجهة، فيكون قد عرف هذه العصا وكيف يتعامل معها في هذه الحال، فإذا جاء إلى المواجهة مع فرعون يكون قد تهيأ وأعد نفسه، فلا يكون الموقف مفاجئا له، فتنقلب حية قبل أن يشاهدها، فيخاف منها موسى ، فلو أرسله الله وقال: سنظهر لك آية، فصارت العصا حية عظيمة، لكان موسى خاف منها كما خاف فرعون، ومثل هذا لا يكون بذلك التأثير إذا اشترك معه في الخوف منها.