الإثنين 26 / ذو الحجة / 1446 - 23 / يونيو 2025
كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ ۚ وَقَدْ ءَاتَيْنَٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

كَذَلِكَ نَقُصّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لّدُنّا ذِكْراً ۝ مّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً ۝ خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً [سورة طه:99-101]، يقول تعالى لنبيه محمد ﷺ: كما قصصنا عليك خبر موسى وما جرى له مع فرعونَ وجنودِه على الجلية والأمر الواقع، كذلك نقص عليك الأخبار الماضية كما وقعت من غير زيادة ولا نقص، هذا وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لّدُنّا، أي: من عندنا ذكراً، وهو القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه، تنزيل من حكيم حميد، الذي لم يُعطَ نبيٌّ من الأنبياء منذ بعثوا إلى أن ختموا بمحمد ﷺ كتاباً مثله، ولا أكمل منه، ولا أجمع لخبر ما سبق وخبر ما هو كائن، وحكم الفصل بين الناس منه.

قوله - تبارك وتعالى -: وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لّدُنّا ذِكْراً القرآن سماه الله بهذا، لأنه متضمن للتذكير والمواعظ وما يحتاجون إليه فيما يكون به صلاحهم في الدنيا وفي الآخرة، كذا قال بعضهم، وبعضهم يقول: قيل له ذكر؛ لأنه يذكر آلاء الله ونعمه على عباده، فهو متضمن لهذه الأمور، وبعضهم يذهب في المعنى إلى غير هذا: أنه ذكْر: بمعنى شرف للنبي ﷺ ولأمته كما فسر بعضهم قوله - تبارك وتعالى -: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ [سورة الزخرف:44] وبعضهم قال: هذا من التذكير، يحصل به التذكر والاتعاظ والاعتبار، وبعضهم يقول: وإنه لذكر لك، أي: شرف لك، وشرف لقومك أن نزل هذا الكتاب الخاتم العظيم بلسان عربي مبين، وقوله: وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لّدُنّا ذِكْراً، القرآن قيل له ذكر؛ لما تضمنه من التذكير بنعم الله ، والتذكير بما فيه من المواعظ والعبر، وقص الله فيه أخبار الأمم وما جرى للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - مع أقوامهم، وذكّر الله فيه بثوابه وعقابه، وبجنته وناره، إلى غير ذلك مما تضمنه هذا القرآن، والله أعلم.