قوله: بَلْ قَالُوَاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وأضغاث الأحلام بمعنى الأخلاط، وبعض السلف يعبر عن هذا بأنها الأحلام التي لا تُعبَّر، هو يقصد بها هذا المعنى، فالتي لا تعبر هي الأخلاط، كما في قوله: قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ [سورة يوسف:44]، والتي تفسر هي الرؤى، فالشاهد أنهم قالوا: إن هذا القرآن هو أضغاث أحلام ثم قالوا: بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ [سورة الأنبياء:5]، فبعض أهل العلم يقول: إن "بل" هذه للإضراب الانتقالي، وليست للإضراب الإبطالي، يعني لم يقصدوا بها نفي ما قبله حينما انتقلوا إلى غيره، وإنما هم يتخبطون كما قال بعض أهل العلم: إن ذلك صدر من هؤلاء المشركين بمجموعهم، فتارة يقولون: أضغاث أحلام، وتارة يقولون: شعر، أو شاعر، وتارة يقولون: كاهن، وتارة يقولون: ساحر، فاضطربت أقوالهم فيه، ولم يتفقوا على شيء، كما قال الله : انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا [سورة الفرقان:9]، ومن أهل العلم من يقول: إن ذلك قد تفرق فيهم، بمعنى أن هؤلاء المشركين طوائف، منهم من قال: إنه ساحر، ومنهم من قال: إنه شاعر، ومنهم من قال: إنه كاهن، ومنهم من قال: إنه أضغاث أحلام، والله نفى هذا فقال: وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [سورة الحاقة:41-42].