قوله: وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ اللبوس بمعنى الملبوس كالركوب بمعنى المركوب، والحلوب بمعنى المحلوب، واللبوس يقال للسلاح بأجمعه، الرماح والسيوف وما إلى ذلك، والمراد هنا الدروع خاصة؛ لأن الله قال: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ [سورة سبأ:11]، قال: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ [سورة سبأ:10-11]، أي: الدروع السابغة الطويلة، لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ يعني بأسكم يعني في الحرب فتقي الإنسان ضرب السيوف وطعن الرماح، وكذلك أيضاً لا تصيبه، أو لا تصيب منه النبل.
السرد نسج الدروع، وزرد يقال له زراد، الذي يصنعها، وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ يعني لا توسع الحلقة.
هذه الحلق تكون في الدروع، كل واحدة مرتبطة بالثانية بمسمار، فإذا كان الحلقة واسعة، أو المكان الذي ينفذ منه المسمار واسعاً تقلق تتحرك، وإذا كانت ضيقة يمكن أن تنكسر هذه الحلقة.
لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ هذه قراءة حفص وابن عامر، لِتُحْصِنَكُمْ يعني: هذه الصنعة أو هذه الدروع تحصنكم من بأسكم، اللبوس بتأويل الدرع، الدرع مؤنثة، وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم أي: لتحصنكم الصنعة أو اللبوس، باعتبار أنه بمعنى الدرع، واللبوس مذكر والدرع مؤنثة، لتحصنكم هذه الدروع من بأسكم، قراءة الباقين بالياء لِيُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ليحصنكم، يعني اللبوس، وبعضهم يقول: يرجع إلى داود "ليحصنكم"، أو إلى الله وفيه بعد، لكن قراءة شعبة عن حفص لِنُحْصِنَكُم فهذه راجعة إلى الله كما هو ظاهر.