السبت 26 / ذو القعدة / 1446 - 24 / مايو 2025
يَدْعُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلْبَعِيدُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ [سورة الحج:12] أي من الأصنام والأنداد يستغيث بها ويستنصرها ويسترزقها وهي لا تنفعه ولا تضره ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ.

كما قال الله : وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [سورة يونس:18] وهكذا في قوله - تبارك وتعالى -: قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ۝ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ [سورة الشعراء:72-73] فهذه من حيث هي لا تملك ضراً ولا نفعاً، والكفار الذين قالوا لإبراهيم ﷺ وخوفوه من آلهتهم أن تصيبه بشيء، فرد عليهم وقال: وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [سورة الأنعام:81] فهذه من حيث هي لا تضر ولا تنفع، والآية الأخرى قال: لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ [سورة الحج:13] فهي تضر عابديها باعتبارٍ آخر: أنها توردهم المهالك، فيدخلون بسبب ذلك النار، هذا وجه الضرر من حيث هي فهي جمادات لا تنفع ولا تضر.

في الأولى: مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ باعتبار أن هذا العابد لماذا يعبدها؟ رغبةً ورهبةً ورجاء النفع، ومن أجل دفع الضر عنه يعتقد أن هذه الأصنام لو ما عبدها يمكن أن تهلكه، تخسر تجارته يمكن أن تقع عليه كارثة، يموت أولاده... فهي لا تضر ولا تنفع بل عبادتها تورث الضرر وذلك أن من عبدها دخل معها النار ووكِل إليها وخذل في الوقت الذي يكون أحوج ما يكون فيه إلى ألطاف الله ورحماته، وفي قصة عكرمة في إسلامه لما ركب البحر وماج بهم البحر فقال قائد السفينة: إنه لا ينجيكم من هذه الكروب إلا الله، نهاهم أن يدعوا آلهتهم، فقال: إذا كان لا ينجي من ظلمات البحر إلا الله فإنه لا ينجي أيضاً... القصة معروفة.