الأحد 27 / ذو القعدة / 1446 - 25 / مايو 2025
إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [سورة الحج:14] لما ذكر أهل الضلالة الأشقياء عطف بذكر الأبرار السعداء من الذين آمنوا بقلوبهم وصدقوا إيمانهم بأفعالهم، فعملوا الصالحات من جميع أنواع القربات، وتركوا المنكرات فأورثهم ذلك سكنى الدرجات العاليات في روضات الجنات، ولما ذكر تعالى أنه أضل أولئك وهدى هؤلاء قال: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ.

مأخذ من قال بأن الآية الأولى: يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ في غير العقلاء - في الأصنام -، قال: إنه جاء بـ"ما" التي تكون لغير العاقل، كالجمادات.

والثانية: يَدْعُو لَمَن و"من" تستعمل للعاقل، فهذا مأخذ هذا القول، ثم قال: يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ قال مجاهد يعني الوثن، يعني بئس هذا المخالط الذي دعاه من دون الله مولى: يعني ولياً ونصيراً وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ يعني المخالط، هذا تفسير جيد وقريب لهذه الآية، والله تعالى أعلم، وبعض أهل العلم كابن جرير يقول: لَبِئْسَ الْمَوْلَى المولى: ابن العم، ويطلق على الناصر؛ لأن الإنسان يستنصر ببني عمه وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ يعني المعاشر والمخالط، فابن جرير لا يحمل المولى والعشير على الوثن، فعنده لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ يعني هذا العابد، لبئس ابن العم والمعاشر من يفعل هذا الفعل؛ يعبد غير الله من الأصنام والأوثان التي لا تضره ولا تنفعه، فهو ذم للعابدين، هذا قول ابن جرير، والقول الأول: أنها ذم لهذه المعبودات، وأظن أن حملها على المعبودات كأنه أقرب إلى ظاهر القرآن، وهذا الذي قال به مجاهد، وقال به جماعة من المتأخرين، وممن اختار هذا القول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله.

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... الكلام فيها واضح، فهو سبحانه لما ذكر حال الكفار ذكر ما يقابله - على طريقة القرآن: الترغيب والترهيب - فذكر الأبرار ومنازلهم، تَجْرِي مِن تَحْتِهَا.. تجري من تحت قصورها وأشجارها.