الإثنين 21 / ذو القعدة / 1446 - 19 / مايو 2025
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَٰلِحُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ [سورة المؤمنون:104] كما قال تعالى: وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ [سورة إبراهيم:50]، وقال تعالى: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ [سورة الأنبياء:39].

وقوله تعالى: وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ [سورة المؤمنون:104] قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني عابسون.

قوله: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ فسره هنا بقوله: "وتغشى وجوههم النار" بمعنى أنها تحرقها، وتصيبها، وذكر الوجوه مع أنها تصيب سائر الأجساد وخص الوجوه بذلك كما قال: حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ؛ لأن الوجه أشرف شيء في الإنسان، والعادة أن الإنسان يتقي بيديه عن وجهه، ولكن حينما لا يجد إلا وجهه ليتقي به لفح النار، ومس النار؛ فإن هذا - نسأل الله العافية - يدل على شدة الحال، وسوء المآل الذي صار إليه هذا الإنسان حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ لا يستطيع أن يتقيها بيديه، يتقيها بوجهه، فمن يتقون بوجوههم سوء العذاب - نسأل الله العافية - تلفح وجوههم النار، وتلفح سائر الجسد؛ لكن وجوههم ليست بمنأى عن هذا، وهي أشرف شيء يتقيه الإنسان، ويدفع عنه، قال: وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ قال ابن عباس: عابسون، وهكذا قول من قال بأن الكالح هو الذي تقلصت شفتاه عن فمه فبدت أسنانه، هذا مثل ما يذكر بعض السلف أن رأس البهيمة إذا وضع على النار، وقلّب عليها؛ ما الذي يحصل؟ يحصل تقلص، فتتقلص الشفاه فيبدو باسراً، تظهر الأسنان وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ولذلك فسر بأنه - كما سبق - يكون باسراً قد بدت أسنانه من شدة الإحراق.