هذا الحديث: إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والخبيث، والطيب، وبين ذلك يمكن أن يقال فيه بما يقوله أصحاب التفسير العلمي أو الإعجاز العلمي - على سبيل الاحتمال - بأن العلم الحديث يقول: إن عناصر التربة جميعاً موجودة في الإنسان.
قوله: ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً [سورة المؤمنون:13] فهذه قرينة تدل على أن الأول المراد به آدم ﷺ فليس كل الناس خلق من الطين، ثم صار نطفة، إنما خلق آدم ﷺ من الطين، ثم كانت الذرية من النطفة، والمقصود بالنطفة الشيء اليسير من السائل، أو من الماء أو نحو ذلك.
وقد قال الله - تبارك وتعالى - في وصف النطفة: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ [سورة السجدة:8] أي: ضعيف، والمهين ليس فقط الضعيف بل هو الشيء الذي ليس له شأن، ولا قيمة، ونحو ذلك، يقال: المهين غير العزيز، فالنطفة هي من الأشياء المستقذرة، ولهذا فإن الراجح الذي عليه عامة أهل العلم أن المني طاهر، وأما حك النبي ﷺ له من ثوبه إن كان يابساً فهذا من باب التنزه، ولا يدل على أنه نجس، فمثله مثل البصاق، والمخاط، فهو مستقذر وليس بنجس.