قوله - تبارك وتعالى -: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [سورة المؤمنون:60] أي: خائفة من الله لأنهم يعلمون أنهم راجعون إلى الله - تبارك وتعالى -، فمجازيهم على أعمالهم، ومحاسبهم على ما اقترفوا.
وهذا في العمل الصالح، فيخشى المؤمن أن لا يتقبل الله منه، وإذا كان كذلك فهو أبعد عن الأسباب التي تنقص العمل أو تحبطه مثل: العُجب، ومن ثَمّ لأنه لا يستكثر العمل على الله ، ولا ينظر إلى جهده، وإنما ينظر إلى توفيق ربه، فيزداد شكراً على هذا العمل والتوفيق إليه، وإذا كان هذا في الطاعات؛ فكيف تكون حالهم عند مواقعة المعصية؟!، فهو مشفق عند عمل الطاعة، فهذا من باب أولى، ويقال: أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [سورة المؤمنون:61]، وهذا التفسير من قبيل الخبر عنهم أنهم سابقون إلى طاعة الله، فوصفهم بهذا على سبيل الثناء عليهم، وبعضهم يقول: إن الحرف مضمن معنى حرف آخر بمعنى وهم إليها.
وقال ابن جرير - رحمه الله - أي: سبقت لهم من الله السعادة؛ لأن الله قد كتبهم في السعداء، فأثّر ذلك، ونتج عنه الجد، والاجتهاد في طاعة الله .
وهذا ثناء من الله على هؤلاء، وإخبار بأنهم بهذه المثابة يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [سورة المؤمنون:61] يعني: إليها سابقون، يبادرون، ويسارعون، ويسبقون غيرهم، ويتقدمون على غيرهم بالعمل الصالح بمعنى: أن ذلك قد سبق لهم في علم الله ، وقدره؛ فكتب الله لهم السعادة في الأزل، فأثر ذلك، ونتج عنه هذه المسارعة في الخيرات - والله أعلم -.
- رواه أحمد (42/156)، برقم: (25263).
- رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب سورة المؤمنون (5/327)، برقم: (3175).