الثلاثاء 08 / ذو القعدة / 1446 - 06 / مايو 2025
وَلَوْ رَحِمْنَٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا۟ فِى طُغْيَٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [سورة المؤمنون:75] يخبر تعالى عن غلظهم في كفرهم بأنه لو أزاح عنهم الضر، وأفهمهم القرآن؛ لما انقادوا له، ولاستمروا على كفرهم، وعنادهم، وطغيانهم".

يقول: لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ بمعنى: تمادوا، فإن هذه اللفظة تدل على معنى التمادي يعني: يتمادون في العناد، ويترددون فيه، وأصل العمه عمى القلب يعني: يتخبطون، ويترددون، ويتذبذبون يعني: لو حصل لهم إقالة من عذاب الله ، ثم رجعوا سواء كُشف عنهم عذاب قد عاينوا أوائله في الدنيا، أو كان ذلك من عذاب الآخرة كما قال الله : وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ [سورة الأنعام:28]، ولهذا خلدهم الله في النار؛ لأنهم مهما بقوا فهم باقون على الكفر، مصرون عليه، وإن عاش الواحد منهم في الدنيا ستين سنة أو نحو هذا، فيخلد أبد الآباد في نار جهنم، فهو لو بقي أبد الآباد في الدنيا فهو على الكفر، عزم وإصرار، والعزم المصمم ينزل منزلة الفعل.

"كما قال تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ [سورة الأنفال:23]، وقال: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۝ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ۝ وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ [سورة الأنعام:27-29] فهذا من باب علمه - تعالى - بما لا يكون، ولو كان كيف يكون، قال الضحاك عن ابن عباس: كل ما فيه لو فهو مما لا يكون أبداً".

هذا مما يسمى بالكليات، وهذا مبنى على الاستقراء، فمعرفة صحة هذا أن يُتتبع، وكثير مما يذكر فيه ذلك فيه استثناءات، وحقه أن يقال فيه: كل ما كان كذا فهو كذا إلا كذا، فيذكر الاستثناء.