قوله هنا هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ بعض أهل العلم يفسر ذلك يعني يقول: إن أصل معنى الهمز هو الدفع باليد أو بغيرها، هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ومنهم من يفسره بما يليق بالسياق، ويصلح في هذا المقام فيفسر هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ يقول: الهمز بمعنى النغز، والنخس أو الوسوسة وهو ما يلقيه الشيطان يدفعه للانتقام، والإساءة، ولهذا لما أمره الله بالدفع بالتي هي أحسن أمره بعده بأن يستعيذ من همزات الشياطين، ولهذا قال الله في الآية الأخرى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ [سورة الأعراف:200، وسورة فصلت:36] فهذا النزغ هو المذكور هنا في قوله: أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ النزغ، والنخس، وذلك أن الشيطان يحركه بمقابلة الإساءة بالإساءة، أو الظلم، والتجاوز هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ فيقول له: لا تترك حقك، انتقم لنفسك، تركُ الحق والعفو يكون ضعفاً، وعجزاً، وما أشبه هذا، فيلقي الشيطان في قلبه هذه الأمور ليفعل ما لا يليق وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، ومن أهل العلم من يفسر ذلك بالخنق كما يقول ابن جرير، وقال: فسر به طائفة من أهل العلم قول النبي ﷺ: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه[1]، لكن قالوا: الهمز أصله الضغط، يقول: همز هذا بمعنى ضغطه، فإذا ضغط مثلاً على هذا العرق، أو على هذين العرقين في جانبي العنق؛ فإن الإنسان يغمى عليه ينقطع الدم عن الاندفاع كما هو معروف، ولذلك بعض الرقاة يفعل هذا فيغمى على المريض، ثم يضرب صدره، ويقول: قم اخرج، ويقول: خلاص أنت كان فيك مس وخرج، قد ذكر لي أحد الرقاة المشاهير يقول: أضغط هذا العرق، ويسقط، وأضرب صدره، وأقول له: قم اخرج وكذا، فيقوم وأقول: الحمد لله أنت الآن بخير، فالشاهد أن الهمز يطلق على هذا المعنى، ولهذا فسره بعض أهل العلم بالخنق من همزه، ونفخه، ونفثه، فقالوا: من همزه هو الخنق، ولهذا فسره بعضهم بالمُوْتَة، الخنق من الشيطان، والنفخ الكِبر، فُسر بالكِبر، والنفث فسر بالشعر، وقوله - تبارك وتعالى - هنا: وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ يدخل فيه كل ما يلقيه الشيطان من وساوس، وخواطر، وما يحصل من تعدي الشيطان على الإنسان؛ فإن الشيطان له ملابسات، أو خنق الشيطان ونحو ذلك.
- رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك، برقم (775)، والترمذي، أبواب الصلاة عن رسول الله ﷺ، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (242)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب الاستعاذة في الصلاة، برقم (807)، وأحمد في المسند، برقم (11473)، وقال محققوه: إسناده ضعيف، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (748).