الزُج يعني الحديدة في أسفل الرمح، يعني هو مع الضيق يكون العذاب أشد، إذا وضع في مكان ضيق أدخل فيه كما يدخل الوتد في الحائط، فهذا أشد في العذاب.
قوله: مُقَرَّنِينَ يقول هنا: يعني مكتفين، يعني: ليس معنى ذلك على قول ابن كثير أنه قرن بغيره؛ لا، وإنما مكتف، يعني يلقى فيها مربوطاً قد غُلت يداه إلى عنقه كما قال الله : إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [سورة غافر:71-72]، فالأغلال تكون في أعناقهم، وتغل أيديهم إلى أعناقهم؛ فهم موثقون بالسلاسل، فهنا قوله: مُقَرَّنِينَ يقول: قال أبو صالح: يعني مكتفين، مع أن ظاهر هذه اللفظة يشعر بالاقتران يعني: أنهم قد سلسلوا، وقرنوا ببعضهم، يلقون فيها وقد قرن بعضهم إلى بعض كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [سورة الملك:8] فهم يبقون على مجموعات قد غلوا، وربطوا، وقرن بعضهم ببعض، يعني كل واحد منهم مغلول، وموثق بالسلاسل، وقد ربط أيضاً مع غيره في الأصفاد، والسلاسل، وبعضهم يقول: مُقَرَّنِينَ أي: قرن كل واحد مع شيطانه، ولهذا يقول: فَبِئْسَ الْقَرِينُ [سورة الزخرف:38] فحملوه على هذا المعنى، بئس القرين لكن الآية لا تدل على هذا تلاوة واضحة أعني قوله: فَبِئْسَ الْقَرِينُ المقصود أنه قارنه في الدنيا، وهو يتمنى فراقه وبُعده: يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ [سورة الزخرف:38].
وهم يوثقون بالحديد، والأغلال، والسلاسل، وكذلك يقرن بعضهم إلى بعض، وهذا فيه زيادة في النكال، والعذاب، فلا مفر، ولا مجال للخلاص، والملائكة تحيط بهم من كل جانب، ولكن زيادة في النكال، والعذاب يكونون بهذه المثابة؛ لو أنه حصل له شيء من هذا من غير نار لكان ذلك في غاية الإيلام النفسي، والبدني، فكيف مع النار، والعذاب، والإحراق؟! فتكون هذه السلاسل زيادة في إيلامهم، وتعذيبهم.
في قوله هنا: دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا قال: بالويل، والحسرة، والخيبة لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا إلى آخره، يعني يقولون: واثبوراه، يعني كأنهم يقولون: يا حسرتنا احضري، واثبوراه، يدعون على أنفسهم بالويل، والثبور، والحسرة، فيقال لهم ذلك تيئيساً: لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا دعْوتكم بالثبور لا تغني عنكم، ولا تخلصكم، وقد وقعتم في ما اقترفته أيديكم فلا تدعوا ثبوراً واحداً، وادعوا ثبوراً كثيراً، فإن الأمر الذي وقعتم فيه لا خلاص منه، ولا نجاة.
الأزواج: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [سورة الصافات:22] هذا في الحشر، في النار يلقون مجموعات، هذه المجموعات التي تلقى في النار يقرن بعضهم إلى بعض بالسلاسل، الواحد منهم يصدق عليه هذا وهذا، والأزواج المذكورة في قوله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ يعني: نظراءهم، فاليهود يحشرون مع بعضهم، والنصارى يحشرون مع بعضهم، وهكذا.