"قال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا [سورة الفرقان:3].
يخبر تعالى عن جهل المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله، الخالق لكل شيء، المالك لأزمّة الأمور، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ومع هذا عَبَدُوا معه من الأصنام ما لا يقدر على خلق جناح بعوضة، بل هم مخلوقون، ولا يملكون لأنفسهم ضراً، ولا نفعاً، فكيف يملكون لعابديهم؟
وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا أي: ليس لهم من ذلك شيء، بل ذلك مرجعه كله إلى الله ، الذي هو يحيي ويميت، وهو الذي يعيد الخلائق يوم القيامة أولهم وآخرهم، مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ [سورة لقمان:28]، كقوله: وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [سورة القمر:50]، وقوله: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ [سورة النازعات:13-14]، فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ [سورة الصافات:19]، إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [سورة يس:53] فهو الله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، ولا تنبغي العبادة إلا له؛ لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وهو الذي لا ولد له، ولا والد، ولا عديل، ولا بديل، ولا نديد، ولا وزير، ولا نظير، بل هو الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد".