قوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ سنة الله في الخلق، وذلك أيضاً لأتباعه، أتباع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - إذا كان لكل نبي عدو من المجرمين ،فلأتباع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في كل زمان أعداء من المجرمين ولا بد؛ ولهذا تحصل سنة المدافعة: وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ [سورة البقرة:251]، ومن يعقل عن الله - تبارك وتعالى - فإنه ينبغي أن ينظر في موضع قدمه هل اشتغاله، وحاله، وعمله في معاداة أتباع الرسل - عليهم الصلاة والسلام -؟، ولو أردت أن تنظر في حال الناس، في سنة الله الجارية في الخلق، مَن الذين يدعون إلى ما جاء به الرسول - عليه الصلاة والسلام -، ومَن الذين يعادونه؛ لتبينت الحال، وعرف الإنسان مَن يدخل في جملة أتباع الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، ومَن يدخل في مثل هذه الآية: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [سورة الأنعام:123] الذين ليس لهم شغل إلا التشكيك بثوابت الدين، وحقائقه، والوقيعة في علماء المسلمين، وفي شرائع الإسلام، لا سيما ما يتسبب عنه شيوع الفاحشة، فيدعون إلى السفور والتبرج على طريقة الشياطين، متدرجين في النقاب في البداية، ثم بعد ذلك إلى أن تخرج بلباس لا يستر إلا السوءة المغلظة، فهؤلاء الذين يدعون إلى هذا، ويشنون حملة شعواء على من خالفهم، وهكذا في الاختلاط وغيره.