الأربعاء 28 / ذو الحجة / 1446 - 25 / يونيو 2025
أَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى لنبيه منبهاً أن من كتب الله عليه الشقاوة، والضلال؛ فإنه لا يهديه أحد إلا الله : أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أي: مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينَه، ومذهبَه؛ كما قال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ... [سورة فاطر:8] الآية؛ ولهذا قال هاهنا: أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا قال ابن عباس: "كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني، وترك الأول".

قوله: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ اتخاذ الإله: يعني اتخذ هواه إلهه، بمعنى: أنه صار الهوى متبوعاً، فإذا كان الهوى هو قائده هو تابع له فهو بهذا الاعتبار قد اتخذه إلهاً من دون الله - تبارك وتعالى -؛ ولهذا قال من قال من السلف بأن الهوى إله يعبد، فهو المحرك للإنسان، والدافع له على الفعل أو الترك، إنما يفعل أو يترك اتباعاً لهواه، وهذه هي العبادة، فما يمليه عليه الهوى يبادر إلى فعله، وينكف عما مال عنه هواه أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً تكون عليه وكيلاً يعني تمنعه من ذلك، وتحمله على الإيمان، فإن ذلك ليس إليك إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء [سورة القصص:56].