الأحد 03 / محرّم / 1447 - 29 / يونيو 2025
وَأَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَٰمُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّى لَا يَخَافُ لَدَىَّ ٱلْمُرْسَلُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ثم أمره أن يلقي عصاه من يده؛ ليُظهر له دليلاً واضحاً على أنه الفاعل المختار، القادر على كل شيء، فلما ألقى موسى تلك العصا من يده انقلبت في الحال حَيَّةً عظيمة هائلة في غاية الكبر، وسرعة الحركة مع ذلك".

أي أن الكبير قد لا يكون سريع الحركة، لكن هنا جاء أنه في غاية الكبر، ثم وصفها بأنها مثل الجان، والآية الأخرى فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ [سورة الأعراف:107] وهنا كأنها جان، والجان نوع من الحيات ليست كبيرة لكنها سريعة الحركة، وهناك ذكر أنها ثعبان، فجمع الحافظ بين المعنيين فهي كبيرة، وفي حركتها كأنها جان، والجان نوع من الحيات ليس بالكبير سريع الحركة، فجمعت بين الوصفين الضخامة، وسرعة الحركة، فأخذت الضخامة، والكبر من قوله: ثُعْبَانٌ، وسرعة الحركة من قوله: كَأَنَّهَا جَانٌّ وليس المقصود بالجان هنا: كأنها جِني، إنما هو نوع من الحيات يقال له ذلك، يعرف بهذا الاسم.

"ولهذا قال تعالى: فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ والجان: ضرب من الحيات، أسرعه حركة، وأكثره اضطراباً، فلما عاين موسى ذلك وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ أي: لم يلتفت من شدة فرقه يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ أي: لا تخف مما ترى، فإني أريد أن أصطَفيك رسولاً، وأجعلك نبيًا وجيهًا".

قوله هنا: وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ أي لم يلتفت، لم يعقب يعني لم يرجع، التعقيب: الرجوع والكر بعد الفر، يقول: فلان لم يعقب يعني لم يرجع، وموسى ﷺ وَلَّى مُدْبِرًا فر هارباً، ولم يرجع؛ لشدة خوفه مما رأى.