الإثنين 04 / محرّم / 1447 - 30 / يونيو 2025
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير سورة النمل: بسم الله الرحمن الرحيم

طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ۝ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ۝ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ۝ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ ۝ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ [سورة النمل:1-6].

قد تقدم الكلام في "سورة البقرة" على الحروف المتقطعة في أوائل السُّوَر.

وقوله: تِلْكَ آيَاتُ أي: هذه آيات الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ أي: بيّن واضح.

هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ أي: إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لِمَنْ آمن به، واتبعه، وصدقه، وعمل بما فيه، وأقام الصلاة المكتوبة، وآتى الزكاة المفروضة، وآمن بالدار الآخرة، والبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال خيرها، وشرها، والجنة، والنار كما قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ الآية [سورة فصلت:44]، وقال: لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا [سورة مريم:97]".

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله - تبارك وتعالى -: تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ الإشارة هنا يحتمل أن تكون عائدة إلى السورة نفسها، ويحتمل أن تكون عائدة إلى القرآن، وقوله - تبارك وتعالى -: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ [سورة يونس:1]، وتِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ الكتاب يحتمل أن يكون المراد به القرآن فيكون ذلك من قبيل عطف الصفات، فإنه قرآن باعتبار أنه مقروء، وهو كتاب باعتبار أنه مكتوب، وهذا أقرب من قول من قال: إن الكتاب هو اللوح المحفوظ هنا، أو قول من قال: إن الكتاب المقصود به السورة نفسها، فإن هذا لا دليل عليه، ولعل الذي حمل هذا القائل هو محاولة إيجاد معنى جديد؛ ليكون ذلك من قبيل التأسيس، وأن هذا العطف يقتضي المغايرة، وقوله - تبارك وتعالى -: وَكِتَابٍ مُبِينٍ أي: بيِّن واضح من جهة أنه لا خفاء فيه، ولا ألغاز، ولا غموض كما قال الله - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ [سورة القمر:17]، وهو أيضاً مبين أي يَبِين لغيره لمن نظر فيه أنه حق من عند لله - تبارك وتعالى - كما يقول أبو جعفر بن جرير - رحمه الله - فهو بيّن في نفسه، وهو مبين لمن نظر فيه أنه حق نزل من عند الله .