الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَٰغِرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ارْجِعْ إِلَيْهِمْ أي: بهديتهم".

بعضهم يقول: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ الخطاب موجه للهدهد، وبعضهم يقول: الخطاب للرسول، وهذا هو الأقرب، لكن لعل الذين قالوا: إن الخطاب موجه للهدهد استشكلوا صيغة المفرد في المخاطبة "ارجع إليهم"، وهم قبل ذلك جمع قال: أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ، وقال: بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ثم قال: "ارجع إليهم" بصيغة الواحد، ويقال: لا إشكال فيه، فالعرب تخاطب الجماعة بخطاب الواحد إذا لم تقصد واحداً بعينه منه، يقول: ارجع إليهم، هذه طريقة العرب في الخطاب كما يقول ابن جرير - رحمه الله -، ويمكن أن يكون هذا الخطاب قد وجه لرئيس الوفد، لكبير الوفد؛ ارجع إليهم، ولا إشكال في هذا - والله أعلم -.

"فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا أي: لا طاقة لهم بقتالهم، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أي: من بلدتهم".

لا طاقة لهم بها، يعني إذا كان واحد من الجنود يأتي بعرشها في لحظات كما سيأتي قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ إذاً ماذا سيصنع بها وبقومها في القتال؟!! وعنده الجن قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ [سورة النمل:39] مقامك في مجلسك هذا، لحظات وهو عندك، العرش من اليمن إلى الشام، فهذا في القتال هذا العفريت لوحده ماذا سيصنع بهم؟ كيف سيقاتلونه؟ لا قبل لهم بها، يقف دونها السيف، والحربة، والسهم، كثرة الجنود جن، وإنس، وطير.

"أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ أي: مهانون، مدحورون.

فلما رجعت إليها رسلُها بهديتها، وبما قال سليمان؛ سمعت، وأطاعت هي وقومها، وأقبلت تسير إليه في جنودها، خاضعة، ذليلة، معظمة لسليمان، ناوية متابعته في الإسلام، ولما تحقق سليمان قدومهم عليه، ووفودهم إليه؛ فرح بذلك، وسَرّه".