"فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [سورة النمل:36-37].
ذكر غير واحد من المفسرين، من السلف وغيرهم: أنها بعثت إليه بهدية عظيمة من ذهب، وجواهر، ولآلئ وغير ذلك".
هذا يقوله بعضهم، ويذكر أوصافاً طويلة في هذا ليس ذلك مما أخذ عن مصدرٍ يوثق به، وإنما هو من أخبار بني إسرائيل، وبعضهم يقول: أهدته مائتي فرس على كل فرس وصيف، أو وصيفة، وأنها ألبستهم لباساً فألبست الوصفاء لباس الوصيفات، والوصيفات لباس الوصفاء يعني ألبست الذكور لباس الإناث، والإناث لباس الذكور، وأبرزتهم بأحسن حلة، وأهدتهم إليه على مائتي فرس، وبعضهم يقول: إنها أرادت أن تختبره بهذا هل يعرف الوصفاء من الوصائف إذا أراد أن يختبرها، ويقول: أهكذا عرشك، بعدما غيَّر فيه؟ لكن كل هذا لا دليل عليه، المقصود أنها أعطته هدية عظيمة تليق بمثله.
هذا الهدف الذي أرادته: مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون، هل تنفع معه المصانعة أو لا بد من تحقيق مطلبه، وهو الدخول في دينه، والانقياد له؟
بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ليس عامة المفسرين على معناه هذا الذي ذكره ابن كثير - رحمه الله -، ليس معناه: خذوا هذه الهدية التي جئتم بها، وافرحوا بها، وإنما المقصود بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ أي: تفرحون إذا قدمت لكم الهدية، أنتم الذين تفرحون بمثل هذه المصانعات، والهدايا؛ لأنكم أهل دنيا، أما أنا فلست كذلك، إنما أطلب الآخرة، وأعطاني الله من الدنيا ما أغناني عن هديتكم هذه بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ بل أنتم الذين تفرحون بالهدية إذا أهديت إليكم.