"أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [سورة النمل:64].
أي: هو الذي بقدرته، وسلطانه؛ يبدأ الخلق ثم يعيده كما قال تعالى في الآية الأخرى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ [سورة البروج:12-13]، وقال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [سورة الروم: 27]".
وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أي: بما ينزل من مطر السماء، وينبت من بركات الأرض كما قال: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ [سورة الطارق:11-12]، وقال: يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا [سورة الحديد:4]، فهو - تبارك وتعالى - يُنزل من السماء ماء مباركًا فيسكنه في الأرض، ثم يخرج به منها أنواع الزروع، والثمار، والأزاهير، وغير ذلك من ألوان شتى، كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأولِي النُّهَى [سورة طه:54]؛ ولهذا قال: أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ أي: فعَلَ هذا؟، وعلى القول الآخر: بعد هذا يُعبد؟ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ على صحة ما تدعونه من عبادة آلهة أخرى إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ في ذلك، وقد علم أنه لا حجة لهم، ولا برهان كما قال الله: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [سورة المؤمنون:117]".